سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غضب في الشرق الأوسط واتصالات متسارعة والأمير عبد الله يؤكد ضمانات اميركية لعدم ايذاء الرئيس الفلسطيني . اجتياح مقر عرفات وواشنطن تطالب شارون بتقدير "العواقب"
لم تكن مغادرة المشاركين في قمة بيروت قد اكتملت عندما حاول مظليون اسرائيليون اقتحام مكتب الرئيس ياسر عرفات في مقره في رام الله بعد اجتياح شامل وغير مسبوق للمدينة أسفر عن استشهاد سبعة فلسطينيين ومقتل ضابط اسرائيلي. ومع ازدياد المخاوف على مصير عرفات الذي اعتبره رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون "عدواً يجب عزله"، أعلن ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ان واشنطن وعدته بضمان سلامة الرئيس الفلسطيني، فيما نقل وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن اسرائيل تأكيدات بأنها لن تؤذي عرفات او تأسره او تقتله. وبعدما اعرب عن "قلق" الولاياتالمتحدة، دعا شارون الى "التفكير ملياً في عواقب" العمليات، فيما دعا عرفات الى اتخاذ خطوات ضد المسؤولين عن الهجمات التي قال انها "تسببت بالأزمة وليس غياب الافق السياسي". وأعقب ذلك تأكيد من الجيش الاسرائيلي بانه "من غير الوارد التعرض لعرفات" شخصياً. راجع ص 3 و4 و5 ولم تمض ساعات على الحرب الاوسع التي يشنها الجيش الاسرائيلي في يوم الجمعة الحزينة في رام الله التي احتلها بالكامل وفرض طوقاً فيها على مكتب عرفات، حتى اعلنت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" من دمشق "استهداف كل اسرائيلي" و"نقل المعركة الى الخارج" من دون ان يعني ذلك دعوة رسمية الى العودة الى سياسة خطف الطائرات او اغتيال مسؤولين اسرائيليين في اوروبا واميركا، فيما دعت القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية في غزة كل اجنحتها "المقاتلة" الى "التصدي متحدة للعدوان الاسرائيلي"، كما أعلنت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس انها ستضرب في كل مكان في اسرائيل. وجاء الرد الفلسطيني سريعاً من خلال هجومين، الاول نفذه عامل فلسطيني يدعى محمد احمد خزيق 22 عاماً في مستوطنة "نتساريم" في قطاع غزة حيث طعن اسرائيلييْن قبل ان يعذبه جنود ومستوطنون حتى الموت، والثاني هجوم استشهادي في سوبرماركت في حي في القدس الغربية نفذته الفلسطينية آيات محمد لطفي الاخرس 16 عاماً وتبنته "كتائب شهداء الاقصى" واسفر عن مقتل اسرائيلييْن. وعلى رغم ان السؤال عن مصير عرفات والسلطة كان قائماً امس، الا ان الحرب الاسرائيلية وضعت مصير الائتلاف الحكومي الاسرائيلي على المحك، خصوصاً في ضوء معارضة الوزراء العماليين والجيش واجهزة الاستخبارات اتخاذ اجراءات اكثر تشدداً، فيما اليمين يدعو الى المزيد من التصعيد والتشدد. وبدأ نهار امس باجتياح واسع لمدينة رام الله التي شهدت معارك في محيط مقر الرئاسة ووسط المدينة وحي الطيرة حيث قطع التيار الكهربائي. وبعدما اقتحم الجيش مقر عرفات حاول جنوده التسلل الى مكتبه حيث جرت معارك شارك فيها الرئيس الفلسطيني ادت الى مقتل سبعة اشخاص. ورفض الفلسطينيون في المكتب الاستسلام للجيش الذي اعتقل 70 فلسطينياً كانوا في المقر، فيما اعتقل الجيش المستشار العسكري لعرفات اللواء محمود دعاس من منزله في رام الله. وكان الجيش وسع عدوانه ليشمل باحة المسجد الاقصى الذي اقتحمته الشرطة امس بعدما رشق فلسطينيون بالحجارة مصلين يهوداً امام حائط المبكى. وعقب النداءات التي وجهها عرفات الى العرب والمسلمين والمجتمع الدولي، شهد العالم العربي تحركات ديبلوماسية واتصالات تهدف الى وقف العدوان الاسرائيلي وضمان سلامة الرئيس الفلسطيني، فيما كان مقرراً ان يعقد مجلس الامن مشاورات. وفي هذا الصدد، ذكر مصدر سعودي مرافق لولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الموجود في بيروت حالياً ان الأمير بدأ منذ ليل الخميس - الجمعة إتصالات عربية ودولية سعياً الى منع اقتحام القوات الاسرائىلية المناطق الفلسطينية، وواصل اتصالاته امس بعد دخول قوات الاحتلال مدينتي رام الله والبيرة ووصولها الى مقرّ عرفات. وعلى رغم ان الادارة الأميركية كانت أبلغت ولي العهد السعودي ضمانها سلامة عرفات قال ولي العهد السعودي انه اتصل امس بالادارة الاميركية وأبلغها ان الموقف حرج في المناطق الفلسطينية، وأضاف ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول ابلغه ان المبعوث انتوني زيني موجود في المنطقة وسيعمل على معالجة الوضع. وأكد الأمير عبدالله في مقابلة مع شبكة "أوربت" التلفزيونية بثت ليل الجمعة - السبت انه اتصل بعرفات الذي شرح له الوضع "وقلت له ما لك إلا الصبر ونحن معك وأجرينا اتصالات مع الولاياتالمتحدة ووعدونا بأن يبذلوا جهوداً". وعبر عن غضبه من تدهور الوضع متسائلاً: "أين الجنرال زيني، الأمور فاقت الحد، ولم يعد يتحملها اي انسان". وأضاف: "لا بد من وجود قوات تفصل بين الطرفين حتى تحدد من هو المعتدي"، مشيراً الى ان مشاعره ازاء حصار عرفات في مكتبه "هي مشاعر كل عربي ومشاعر كل انسان يريد العدل"، واعتبر "ان من يقوم بمثل هذا العدوان ليست لديه اي مشاعر انسانية ... ومع ذلك يجب ان لا نفقد الأمل". وسئل هل يؤثر العدوان الاسرائىلي الجديد على المبادرة العربية، فقال: "كنت متردداً في طرح المبادرة بسبب اعمال شارون ضد الانسانية، المبادرة ماشية وهو يسعى الى تعكيرها". وعما اذا كانت المبادرة سعودية ام ان الولاياتالمتحدة ارادتها، قال: "لا احد يفرض شيئاً على اي كائن، المبادرة سعودية والتفكير فيها جار منذ شهرين او اكثر"، اما دوافعها فتتمثل "في ما رأيناه من احداث، من عدم انصاف وعدم عدل وعدم انسانية". وسئل ايضاً هل يتوقع اغتيال الرئىس الفلسطيني فقال: "الرئىس عرفات عزيز علينا وعلى الشعب العربي وان شاء الله ما يحدث له شر". وتطرق الى العناق بينه وبين نائب الرئىس العراقي، فقال: "الأخ عزة الدوري صديق عزيز اقدره واحترمه، والانسان اذا رأى صديقه فلا بد ان تتحرك عواطفه. هذه رسالة الى اخواننا في العراق والى الشعب العراقي، وعلى الاخ صدام حسين ان يقبل التفتيش الدولي ويحل لنا هذه المشكلة". وأكد أخيراً انه مرتاح الى النتائج التي توصلت اليها قمة بيروت متمنياً "ان تصفى القلوب". كذلك ذكرت "وكالة انباء الشرق الاوسط" المصرية ان الرئيس حسني مبارك بعث بخطاب عاجل الى الرئيس جورج بوش يطلب فيه تدخل واشنطن وتدخله الشخصي لوضع حد للاحداث الجارية وما يتعرض له عرفات تجنبا للآثار الوخيمة التي قد تتعرض لها المنطقة. كما اجرى مبارك اتصالا مع عرفات، فيما اعتبر وزير خارجيته احمد ماهر ان "شارون اعلن الحرب" على الفلسطينيين. وكانت بيروت مركز تحرّكات شعبية واتصالات رفيعة المستوى للضغط من أجل وقف الهجوم الاسرائىلي على رام الله والبيرة. ودان العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي بقي في العاصمة اللبنانية "التصعيد الخطير" لحكومة شارون، محذراً في بيان بصفته رئيساً للجنة القدس من "انفجار شامل للأوضاع في المنطقة". وأجرى اتصالات بعدد من الزعماء العرب والقادة الأوروبيين وبعرفات مؤكداً تضامنه معه. كما كان مقرراً ان يلتقي الرئيس اميل لحود لبحث الموقف معه. وشارك الجانب اللبناني في الاتصالات الدولية، فطلب الرئيس اللبناني، الذي يتولّى رئاسة القمة العربية، بعد اتصال تضامن أجراه مع عرفات وسلسلة مشاورات، من وزير الخارجية محمود حمود استدعاء سفراء الدول الكبرى وسفير الاتحاد الاوروبي والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة. وقال المكتب الاعلامي الرئاسي ان حمود "سيبلغهم ان ما تقوم به اسرائيل هو ردّ على المبادرة العربية للسلام التي أقرّها مؤتمر القمة، وان استمرار العدوان الاسرائيلي الوحشي جعل الوضع في المنطقة يزداد خطورة، ما يتطلب تحرّكاً دولياً سريعاً لردع اسرائيل وخروجها عن القانون الدولي الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة". وابلغ لحود وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث تأييده اقتراحه دعوة لجنة المتابعة والتحرّك العربية المنبثقة من القمة. وكان تلقى اتصالاً هاتفياً من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى دعاه فيه الى دعوة مجلس الجامعة الى عقد اجتماع استثنائي خلال الساعات المقبلة على مستوى المندوبين الدائمين لتقويم الموقف ودرس الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة ما يجري. كذلك أجرى رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الذي التقى ولي العهد السعودي، اتصالاً بالرئيس جاك شيراك للطلب منه الضغط لوقف الهجوم الاسرائىلي، فوعده بأن تشمل اتصالاته الرئيس جورج بوش، كما اتصل الحريري برئيس الاتحاد الاوروبي خوسيه اثنار، والتقى الموفد الروسي اندريه فيدوفين وطلب من الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان تدخله الفوري. وكان نبيل شعث، الذي غادر والوفد الفلسطيني زهاء الرابعة بعد ظهر امس، على اتصال دائم مع عرفات. وكان آخر اتصال له من بيروت قبل إقلاع الطائرة التي أقلته الى عمان، فقال الرئيس الفلسطيني: "الضرب ماشي يللا يا نبيل" وأقفل الخط. وسمع شعث على الهاتف أصوات الانفجارات. وقال عرفاتمرات عدة لشعث خلال اتصالاته به منذ ساعات النهار الاولى: "لن أستسلم وأنا خلقت لمشروع الشهادة". وأوضح شعث في تصريحاته انه لا ضمانات في شأن حياة عرفات ولا أمان مع شارون في هذا الصدد. وكان وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني طلب باسم منظمة المؤتمر الاسلامي من روسيا باعتبارها احدى الدول دائمة العضوية في مجلس الامن عقد جلسة طارئة وعاجلة للمجلس اليوم للبحث في خطورة الوضع.