القادسية والاتحاد قمة مفصلية    حلول غائبة عن تقوية المنتخب    7519 بلاغا إسعافيا بالشرقية    ولي العهد يهنئ مستشار النمسا    أربع وزراء أندونيسيين يحضرون توزيع هدايا المملكة من المصاحف والتمور وإفطار الصائمين    انطلاق أعمال مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية    السعودية للاستثمار الجريء تستثمر في صندوق ارتال لفرص النمو    ماكرون: التهديد الروسي لا يعرف حدوداً    تركي آل الشيخ و«TKO» يعلنان عن إطلاق منظمة جديدة للملاكمة    سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد الخاص بالأسلحة الكيماوية    اجتماع خليجي بمشاركة عربية في مكة غدا    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    الحرمان الشريفان يفتحان أبواب الاعتكاف إلكترونيًا    أمير المدينة المنورة يشارك رجال الأمن إفطارهم في ساحة المسجد النبوي    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد القلعة    النفط يستقر مع ترقب السوق لزيادة إنتاج أوبك+ والرسوم الجمركية    نائب أمير الشرقية يستعرض مبادرات تأهيل الشباب والشابات    استمرار إغلاق المعابر    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    منظومة إنسانية وإغاثية تقدمها المملكة في شتى بقاع الأرض    جمعية إنماء الأسرية بفيفاء بجازان تطلق باقة برامج رمضانية متنوعة    فيصل بن مشعل يستقبل محافظ الأسياح ويتسلم التقرير الختامي لمهرجان الصقور    أمانة الطائف تنفذ خطة رقابية مكثفة بالأسواق والشوارع التجارية    «الزكاة والضريبة والجمارك» تدعو المنشآت الخاضعة للضريبة لتقديم نماذج الاستقطاع الضريبية لشهر فبراير    غرفة تبوك تدعو رجال وسيدات الأعمال بالمنطقة لافتتاح ديوانية الغرفة    «الأسمري» نائباً لرئيس الرقمنة وذكاء الأعمال    لأول مرة طالبة من تعليم الطائف تتأهل إلى مسابقة آيسف على مستوى المملكة    المظالم يطلق مبادئ وأحكام باللغة الصينية    فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات 2.8 مليار ريال في العام المالي 2024 بنمو بنسبة 20% وتسجل صافي ربح عائد 287.6 مليون ريال    14 دبلوماً لتعزيز مهارات أفراد العدالة    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول ضيفًا على باريس    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    تنويع الاقتصاد وتطوير الأسواق المالية.. "السيادي" يعزز الاستثمار في السعودية ودول الخليج    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    تكريم الفائزين بمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن    تأكيد بسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية    الشرع ورئيس المجلس الأوروبي يبحثان سبل دعم سوريا    في ذهاب ربع نهائي آسيا 2.. التعاون يعود بتعادل ثمين من ميدان تراكتور    ولي العهد مترئساً مجلس الوزراء: نعتز بخدمة الحرمين    حائل: القبض على مرتكبي واقعة تصادم بين مركبتين لخلاف بينهما    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    ولادة طفل بريطاني بعين واحدة    وفاة" الذراع الذهبية" منقذ ملايين الأطفال    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    الأهلي يهزم الريان ويرفع الراس    لجنة الانضباط ترفض احتجاج الوحدة وتغرم مدربه بعد مباراة النصر    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    التسامح.. سمة سعودية !    الحكومة اليمنية: تصنيف الحوثي إرهابياً خطوة مهمة لمواجهة التهديدات    الحقيقة !    سماء العُلا يعود في أبريل    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    









الشيوعيون جعلوه لعبة و "السلطات" باتت تسيطر عليه . اتحاد الكتاب اللبنانيين يواجه حالاً من الغيبوبة والانهيار
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 2002

عادت قضية اتحاد الكتاب اللبنانيين الى الواجهة الثقافية والسياسية بعدما قرر بعض اعضاء هيئته العامة الاستقالة اعتراضاً على عدم شرعية انتخاب أمينه العام جوزف حرب. ومن المنتظر ان يقدم حرب استقالته بعد الحملات التي شنت عليه وعلى بعض الذين يدعمونه داخل الهيئة. لعله قدر هذا الاتحاد المأسوي الذي انتقل من أيدي الشيوعيين خلال الحرب الى أيدي "السلطات" التي تهيمن عليه الآن.
يشعر الناشطون في الشأن الثقافي في لبنان، أن اتحاد الكتّاب اللبنانيين صار بعيداً من المعترك الثقافي الى حدّ غدا مجهولاً أو شبه مجهول. فهو يعاني داء "الغيبوبة" المزمن شأن الكثير من الجمعيات الثقافية التي وقعت في مطب السياسة. والحق ان الاتحاد في حيثياته وقع في "أسر" الايديولوجيات منذ تأسيسه حتى الآن، والفارق بين الايديولوجيا التي كانت تسيطر عليه حتى بداية التسعينات والايديولوجيا التي تلتها هو الموقف أو الصوت. فالاتحاد في ماضيه القريب كان لعبة في أيدي الشيوعيين لسياستهم وتحالفاتهم. فكانت سياسته ترتبط بالخندق الذي كانوا فيه. وعنى ذلك ما عناه من تقديم السياسة الحزبية وقرارات "المكتب السياسي" على الشأن الثقافي. ولم يكن خفياً على أحد استئثار القوى اليسارية بمنبر اتحاد الكتاب لأغراض اجتماعية وسياسية، وهم أي القوى اليسارية على رغم الحماقات التي ارتكبوها في مرحلة سيطرتهم على الاتحاد، شكلوا حالاً لا بأس بها. ولكن مع قدوم روحي بعلبكي صاحب "دار العلم للملايين" وسيطرته على الاتحاد، أغرقه في الصمت واللاحضور أو الغيبوبة. الشيوعيون ومن تحالف معهم في السابق خرجوا من الاتحاد وانتقدوا ماضيهم بصدق وأعادوا قراءته، ثم أتى روحي بعلبكي وبات اتحاد الكتاب اتحاد سلطة بامتياز، وانتهى الى ان يكون جهازاً ثقافياً معطلاً وليس في الأمر ما يحمد.
روحي بعلبكي في بداية توليه الأمانة العامة، كان كمثل أولئك المناضلين ضد الامبريالية والغزو الثقافي ورفع شعارات "العروبة" و"الوطنية" و"مقاومة التطبيع" بما في ذلك "التنسيق الكامل مع سورية" وسائر "الكليشهات" التعبوية النضالية، شعارات ما كانت لتقال إلا من أجل التدجين الكامل للاتحاد، والحاقه في "القطار" السياسي بين دمشق وبيروت. ومن هذا المنطلق يمكن القول ان الاتحاد في زمن صاحب "دار العلم للملايين" ابتعد عن الشأن الثقافي واقتصر حضور ادارته على القيام بالواجبات التي تصب في الشأن الاجتماعي تعزية، نعي، رثاء....
لم يأت روحي بعلبكي وحده الى الاتحاد، فهو أتى مقروناً بقوى سياسية تؤيد سورية وقل ما تعنيها الأمور الثقافية، لا بلّ تسهم في ضربها، شأن الحزب القومي السوري وحزب البعث وحركة أمل. في مقابل ذلك انسحبت التيارات الأخرى نحو العمل في تجمعات أو أندية، واستقال عدد لا بأس به من الكتاب الفاعلين في الشأن الثقافي، وانضمت الى الاتحاد قوافل من الأسماء لا ناقة لها ولا جمل، أسماء لا تخطر على بال، وتحول الاتحاد الى كتلة منتسبين، أكثر من كونه "منبراً" ثقافياً، في وقت كان روحي بعلبكي "يحملق" الى ما هو أبعد من منصب الأمانة العامة للاتحاد، فهو كان يعمل مستشاراً ثقافياً للرئيس سليم الحص، ثم صار مرشحاً للنيابة على لائحته في بيروت، ولكنه لم يصل الى مبتغاه السياسي الذي كان رجاؤه المفضل.
بقي بعلبكي طوال دورتين في منصب "الأمين العام" ولم ينجم عن موقعه سوى اغراق الاتحاد في "الغيبوبة" و"الصمت". ثم أتت مرحلة جوزف حرب لتزيد الأمور تعقيداً وسوءاً. فالشاعر جوزف حرب الذي كان في زمن مضى محسوباً على اليسار، ويعتبر نفسه ماركسياً صار محسوباً على القوى التابعة لسورية. صار من "المشاهير" في القاء قصائد المناسبات في سورية وفي مديح قادتها. ومنذ ان تولى الأمانة العامة للاتحاد مدعوماً من القوميين السوريين وحزب البعث وحركة أمل لم يفعل شيئاً، سوى انه زاد من "غيبوبة" الاتحاد وارهقه. لم يصدر جوزف حرب والهيئة الادارية التي معه بياناً في الشأن الثقافي المضطرم أو عمّا تتعرض له الحريات العامة في لبنان. بدا هذا الاتحاد فرعاً للسلطة والكثير من كتابه هم من المشجعين للرقابة والمنع، وجوزف حرب نفسه الذي مُنع في مصر كتابه الأخير "المرأة البيضاء" بدا غير مهتم للأمر وغير معني.
أكثر ما يمكن قوله هو ان الاتحاد والغيبوبة توأمان بل صنوان. وفي الفترة الأخيرة جرت انتخابات الاتحاد، في مشهدية فاضحة، فمن أصل 750 كاتباً شارك نحو 140 وهم صوتوا لجوزف حرب، ثم مددوا له للمرة الثالثة. وفي هذا تجاوز للنظام الداخلي. وقيل ان المسيطرين على أعمال الاتحاد قاموا ب"اجتهاد" قانوني ففسروا النظام الداخلي على هواهم، كما يتناسب مع مرادهم ومبتغاهم. فالاتحاد الذي عُدل نظامه الداخلي في شهر آب أغسطس 2001، وتم التعديل في المادة الثالثة كي تنصّ على ان كل عضو في الاتحاد يحق له بدورتين في الأمانة العامة وثلاث دورات في الهيئة الادارية. وبما ان المسيطرين على الاتحاد هم من الأحزاب السلطوية، وبالأحرى ليس هناك من يراقبهم، اخترعوا اجتهاداً مؤداه بأنه يحق للعضو بدورتين في الأمانة العامة بدءاً من زمن التعديل الذي حصل في آب أوكتوبر 2001. وكان الشاعر جوزف حرب نفسه قال في رده على احدى الصحف بأنه لا يحق له في دورة ثالثة في الأمانة العامة، لكنه ناقض نفسه وجاء أميناً عاماً للدورة الثالثة. وفي هذه الانتخابات قد يكون الشاعر محمد علي شمس الدين هو الوحيد الذي سجل تحفظه على انتخاب الأمين العام ونائبه لعدم قانونية الانتخاب. وكان الشاعر الياس لحود بدوره أبدى تحفظاً مماثلاً. لكنه نجح في الهيئة الادارية نتيجة الانتخاب.
قيل ان تجاوز النظام الداخلي، حصل بسبب أزمة مركز أمين العام. إذ بيّن الأعضاء الفاعلين في الاتحاد ليس هناك من النافذين فعلياً في الشأن الثقافي. وان كان هناك من كتّاب وشعراء لهم حضورهم الابداعي اللافت، لكن القضية تبدو أبعد من ذلك:
فالأحزاب المتحالفة أمل، البعث، القومي السوري تريد ان يكون الأمين العام متناسباً مع تطلعاتها السياسية والا يتخطى الحدود المرسومة له. وكان على جوزف حرب ان يفرح بالتمديد الجديد، وان يطمئن الى ان كرسيه ومقامه راسخان الى أن حرب ربح المقام وخسر الثقافة. وهو في خلال السنوات التي أمضاها في امانة الاتحاد لم يحقق جديداً.
كيف سيكون مصير الاتحاد الآن بعدما هدّد البعض بالاستقالة من هيئته العامة؟ هذا السؤال يطرحه المعنيون بالشأن الأدبي والثقافي في بيروت من غير ان يحددوا أفقاً واضحاً للمصير الذي سيؤول اليه اتحاد الكتّاب وخصوصاً ان عدداً كبيراً من الكتّاب اللبنانيين كانوا انسحبوا من الاتحاد قبل فترة احتجاجاً على سياسته.
وكان سعى البعض من هؤلاء الى تأسيس جمعية أدبية جديدة تتولى المهمة التي من المفترض ان يتولاها اتحاد الكتّاب. لكن تلك المحاولات لم تثمر وظلّت حال القطيعة قائمة بين الكتّاب واتحادهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.