دشّنت وزارة الخارجية الاسرائيلية حملة اعلامية واسعة لمواجهة ما وصفته ب"التحوّل الكبير" في تعاطي وسائل الاعلام العالمية، وتحديداً الاميركية والاوروبية، مع النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، معتبرة ان الاسبوع الماضي كان الاسوأ، خصوصاً بعد اشهر متتالية انحازت فيها غالبية وسائل الاعلام الى الموقف الاسرائيلي بإظهار اسرائيل "ضحية الارهاب الفلسطيني". ونقل عن مسؤولي الاعلام في الوزارة انهم تلقوا اخيراً تقارير من السفارات الاسرائيلية تحدثت عن ضرر اعلامي بالغ في صورة اسرائيل وسمعتها نجم اساساً عن احتلال المدن الفلسطينية والصور التي بثتها وكالات الانباء لما خلّفته دبّابات جيش الاحتلال من دمار في الشوارع والمباني وتعرّضها لسيارات الاسعاف اضافة الى الممارسات الفظّة تجاه المواطنين العزّل وتكبيل الايادي وارغامهم على خلع ملابسهم وترقيمهم واقتحام حرمات البيوت وغيرها. كما استعرضت التقارير ما جاء من تعليقات في الصحف عكست غضباً على رئيس الحكومة ارييل شارون وتعاطفاً مع الفلسطينيين من خلال ابراز معاناتهم. وابلغت السفارة الاسرائيلية في واشنطن وزارة الخارجية بسيل من مقالات الانتقاد واشارت الى تراجع شعبية شارون ومكانته في اوساط الاميركيين واعتقاد 68 في المئة منهم انه لا يقوم بشيء من اجل دفع عملية السلام في الشرق الاوسط. وتوقف تقرير من روما عند تصريحات رئيس الحكومة الايطالية المحسوب على اصدقاء اسرائيل سيلفيو بيرلسكوني ان الاوروبيين لا يستطيعون الوقوف متفرجين على المشاهد التي تعرض مساء كل يوم ودعوته الى زيادة الدعم المادي للفلسطينيين. وجاء التقرير الأعنف من السفارة الاسرائيلية في هلسنكي وتضمن وصف وزير الخارجية الفنلندي رئيس الحكومة الاسرائيلية ب"مجرم حرب" وقوله انه لا يواجه اي مشكلة اخلاقية لتأييد السلطة الفلسطينية حتى لو كانت ضالعة بالارهاب "بل ثمة شيء لا اخلاقي في اتصالاتنا مع شارون الذي قُدّمت ضده دعوى لارتكابه مجزرة صبرا وشاتيلا". وتوقفت الصحف الاسرائيلية التي اسهبت في الحديث عن "الانهيار الاعلامي" مطولاً عند ما تناولته الصحف الفرنسية والاسكندنافية "التي رأت في اسرائيل الطرف المعتدي وفي الفلسطينيين الضحية". وقال السفير السابق في باريس عوفاديا سوفير للاذاعة العبرية امس ان العداء الفرنسي الاعلامي والشعبي "قد يثير موجة اللاسامية، فالصحف الفرنسية ترى فينا دولة احتلال تقمع الفلسطينيين من غير ذي حق وتتجنب انتقاد العمليات الانتحارية التي ينفّذها الفلسطينيون". واتهم مسؤولي الاعلام في اسرائيل بالإخفاق في جعل التغطية الاعلامية في فرنسا وغيرها اكثر اتزاناً، زاعماً ايضاً ان الجاليات العربية، خصوصاً من شمال افريقيا وراء الصورة المشوّهة لاسرائيل في فرنسا وان تأثيرها بلغ درجة كبيرة هذه الايام عشية الانتخابات في فرنسا. ولفت الى رفض فندق استضافة اسرائيليين احتجاجاً على ممارسات الاحتلال والى قيام الف متظاهر فرنسي بالتشويش على حملة تبرعات نظّمها يهود فرنسا دعماً للجيش الاسرائيلي. وانضم وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر الى منتقدي المسؤولين عن الاعلام في وزارة الخارجية الاسرائيلية "الذي اخفق في بثّ صور عن قتل مدنيين ابرياء في بلداننا الى العالم". وانتقد مسؤولون يمينيون في اسرائيل قيام القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ببث تقرير عن اقتحام جنود الاحتلال بيتاً في رام الله عاثوا فيه الخراب والدمار وأذلّوا افراد العائلة. ورأى المنتقدون ان من شأن مثل هذا البث تثبيط عزائم الجنود "الذين يشاركون في حرب ضد الارهاب"، اضافة الى امكان قيام شبكات تلفزة عالمية ببثه.