قضى الليبي عبدالباسط المقرحي أمس يومه الأول في سجن برليني، قرب غلاسكو، بعدما خسر الخميس استئنافه للحكم بإدانته في قضية تفجير طائرة "بان أميركان" العام 1988 فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية. ولم تصل طائرة الهليكوبتر التي أقلّته من القاعدة العسكرية الأميركية السابقة في كامب زايست هولندا الى "سجن جلالة الملكة - برليني" ، أكبر سجون اسكتلندا، الا في الساعات الأولى من فجر امس. وقطعت قوات الأمن الطرقات القريبة من السجن، وبينها الطريق الوطني الرقم 8 الذي يمر في مدينة غلاسكو، خلال عملية الهبوط. وسيقضي المقرحي في زنزانته الاسكتلندية المعروفة باسم "مقهى القذافي"، نسبة الى الزعيم الليبي، بقية فترة حكمه بالسجن المؤبد، علماً انه قضى حتى الآن ثلاث سنوات في سجن كامب زايست منذ سلّمته ليبيا، هو ورفيقه الذي نال البراءة الأمين خليفة فحيمة، في نيسان ابريل 1999. ويُنتظر ان يمثل المقرحي أمام لجنة قانونية تُبلغه الفترة التي عليه قضاءها في السجن قبل ان يُمكن النظر في طلب إخلائه. وأوصى القضاة الذين دانوه بأن لا تكون فترة سجنه أقل من 20 سنة. ومن غير الواضح كيف سيستأنف محاموه تثبيت حكم الإدانة، علماً ان في امكانهم رفع القضية الى لجنة قانونية تابعة للملكة في لندن بموجب معاهدة حقوق الانسان الأوروبية. وقال محمد علي المقرحي ان شقيقه عبدالباسط طلب من والدته، في اتصاله الأخير معها، قبل بدئه بتنفيذ العقوبة، ان "لا تقلق عليه". وأضاف محمد لصحيفة "هيرالد" الاسكتلندية ان عبدالباسط لا يزال مُصرّاً على براءته و"هو واثق بالله. لقد تقبّل الحكم كرجل شجاع على رغم انه يعرف انه بريء". وتابع: "لا أحد في بلدنا ومجتمعنا يؤمن بالعدالة الغربية. لقد أظهروا انهم دون العالم الثالث، لأنهم يخضعون لضغوط دول أقوى منهم". وأكدت مصادر إدارة السجون الاسكتلندية ل"الحياة" ان المقرحي سيُعامل مثله مثل بقية السجناء المحكومين مدى الحياة، ولن تكون هناك "معاملة مميزة" عن سواه سوى في الحالات التي تتطلبها "الدواعي الأمنية". واوضحت ان "على جميع السجناء المدانين، بموجب القانون، العمل خلال فترة قضائهم العقوبة". ومعلوم ان العديد من سجناء برليني يعملون في الحياكة لمصلحة شركات نسيج في غلاسكو. لكن لا يُتوقع بان يُطلب من السجين الليبي الجديد القيام بمثل هذا النوع من العمل، بل قد يُطلب منه المشاركة في نشاطات تعليمية وثقافية. وسجن برليني، شرق غلاسكو المدينة الثانية في اسكتلندا، بدأ بناؤه العام 1880 على مساحة 32 هكتاراً، اشترتها السلطات بأقل من عشرة الآف جنيه. وهو يتسع لألف سجين. ويتشارك نزلاؤه في الزنزانات. لكن المقرحي سيكون وحده في زنزانة انفرادية، على الأقل في الفترة الحالية. ويُعتقد بان الجناح الذي سيوضع فيه المقرحي يضم ست غرف بينها غرفة نوم ومكان لحفظ الطعام "الحلال". وتسمح إدارة السجن للسجناء بمقابلة زوار ثلاث مرات في الشهر لمدة 40 دقيقة كل مرة. لكن على السجين نفسه تحديد هوية الذين يريد استقبالهم. وقالت مصادر إدارة السجن ان المقرحي، مثل غيره من السجناء في برليني، سيُسمح له بمشاهدة تلفزيون مُثبّت في زنزانته. لكن من غير واضح إذا كان الليبي سيُسمح له بمشاهدة أقنية عربية، أو التلفزيون الليبي مثلاً، ما دامت إدارة السجن مُصرّة على ان "لا معاملة تفضيلية له عن غيره". وأشارت المصادر ذاتها الى ان المقرحي سيُسمح له بشراء الكتب والصحف والمجظسلات التي يختارها، أو التي تختارها له عائلته. وانتقد توني كيلي، وهو محام يمثّل سجناء في برليني، ما اعتبره تمييزاً في معاملة المقرحي عن بقية السجناء. وأفادت وسائل إعلام بريطانية ان أحد موكليه نجح في دعوى قضائية رفعها ضد "المعاملة المهينة" في السجن حيث على السجناء التبويل في حوض أو قِدر بدل استخدام المرحاض. وقال كيلي: "لا اتصوّر ان المقرحي سيوضع في ظروف مثل التي يعانيها العديد من نزلاء برليني".