تتصاعد، يوماً بعد يوم، وتيرة الإنتاج الدرامي السوري، وسط ترحيب من الفضائيات العربية التي تبث الأعمال الدرامية السورية. ولئن كانت القاعدة تقول إن الكم الكثير لا بد من ان يؤدي الى النوع الجيد، فإن للقاعدة استثناءات ايضاً تقول ان ثمة اعمالاً سورية لم ترتقِ الى المستوى المطلوب، فقد راق لبعض صنّاع الدراما السورية الاتكاء على النجاح الذي حققته فاستسهلوا العمل معتقدين ان السمعة الطيبة للدراما السورية ستنقذهم من المساءلة والنقد. وفي المقابل هناك الكثير ايضاً ممن يعمل بحرص واهتمام كما هي الحال مع المخرج يوسف زرق الذي يتأنى كثيراً قبل الشروع في العمل "خشية الوقوع في مطب التكرار، وحرق الذات" كما اشار. وهو يقوم حالياً بتصوير مسلسله الجديد "وردة لخريف العمر" عن نص كتبه الروائي المعروف خيري الذهبي الذي سبق ان قدم للمخرج نفسه نص مسلسل "رقصة الحبارى" الذي عرض منذ سنوات. يشارك في العمل الجديد مجموعة من الوجوه الدرامية البارزة منهم على سبيل المثال: اسعد فضة، منى واصف، سليم كلاس، نادين، جهاد سعد، نجاح حفيظ، فاديا خطاب، اندريه سكاف، وفاء موصللي، عصام عبه جي، مرح جبر، ليلى سمور، فيلدا سمور، فراس ابراهيم، سامر المصري... وغيرهم الكثير. والمسلسل انتاج ضخم يتألف من ثلاثة اجزاء وكل جزء من أربعين حلقة، تعود تواريخ احداثه الى الخمسينات من القرن الماضي، ويحمل اكثر من مقولة ورسالة. ويتناول حياة شرائح وفئات مختلفة من المجتمع السوري - آنذاك - التي عاصرت فترة الإقطاع التي كانت سائدة والتي لا تزال بقاياها موجودة الى الآن في الريف السوري ولاسيما في الشمال والشمال الشرقي حيث المساحات البعلية الواسعة. وفي ظل الاضطراب السياسي والاقتصادي الذي عاشته سورية في الخمسينات، كان الأثرياء يمارسون اشد انواع القهر والظلم بحق الطبقات الفقيرة التي لم تستطع التعبير حتى عن مشاعرها وعواطفها. والمسلسل يتكئ اساساً على قصة حب ريفية بسيطة وبريئة نبتت في بيئة يتحكم فيها الآغا الثري وأولاده بكل كبيرة وصغيرة، إذ سرعان ما يصادر ابن الآغا ذلك الحب بعد ان لفت نظره جمال الفتاة الباهر، فيحرمها من فتى احلامها الذي يهاجر مكرهاً الى الولاياتالمتحدة، ليعود بعد سنوات طويلة حاملاً مفاهيم الغرب وقيمه محاولاً فرضها على مجتمعه، في اشارة من المخرج الى بريق النمط الغربي الذي يفرض نفسه في "حياتنا وواقعنا". وإذا كان المسلسل يتناول موضوعاً طُرح مراراً وهو الصراع بين الخير والشر أو القوي والضعيف، إلا انه لا يتوقف عند هذه الثنائية، بل ان الحبكة تتعقد وتتشابك "فميزة هذا العمل نابعة من تنوع مواضيعه وتعدد خيوطه الدرامية التي تتوافق تارة، وتتعارض تارة اخرى" كما يوضح المخرج يوسف رزق الذي يعتقد بأن "من شأن هذا التنوع ان يكسر الإيقاع الرتيب ويحدّ من الملل". وأشار المخرج الى صعوبات واجهته لدى البحث عن اماكن تصوير مناسبة، وقد تم اخيراً اختيار اماكن تتوزع بين الريف السوري في مناطق مختلفة، ودمشق القديمة بحاراتها وأزقتها ومحالها، وبعض الأماكن في لبنان. حيث "عملنا قدر الإمكان على استحضار البيئة الحقيقية وإظهار طبيعة المرحلة التي يتناولها المسلسل" كما يقول المخرج الذي يلمح الى "وجود إسقاطات اجتماعية وسياسية معاصرة"، واصفاً العمل ب"التراجيدي والملحمي"، مؤكداً ان علاقته مع كاتب النص خيري الذهبي قائمة على "الود والتفاهم المتبادل". الفنانة منى واصف عبّرت عن إعجابها بكتابات الروائي السوري خيري الذهبي، وقالت انها في مسلسل وردة لخريف العمر تقوم بدور "امرأة ذات سطوة وثروة فهي زوجة الإقطاعي الذي يتوفى لترث هي المال والحقد والقسوة المغلفة بصدى حب قديم وبعيد يزهر في خريف عمرها، حب ركن سنوات للهدوء ثم تأجج من جديد في خريف باهت وحزين"، ومن جهته عبّر الفنان عصام عبه جي عن تفاؤله بهذا العمل الذي يقوم فيه بدور صانع للسيوف الدمشقية، ونوه بالجهود التي يبذلها المخرج لتقريب الممثلين من روح العمل وفحواه، معتقداً ان العمل "تتوافر فيه جميع مقومات النجاح".