أعلنت القيادة الاميركية في أفغانستان سحب قواتها المشاركة في عملية "أناكوندا" رأس الأفعى في جبال عرما وشاهي كوت قرب غارديز حيث لم تسجل أي عمليات عسكرية منذ ليل أول من أمس، باستثناء طلعات جوية محدودة للطائرات الاميركية. وتزامن ذلك مع بوادر توتر عرقي، إذ طالب القادة البشتون المحليون بانسحاب العناصر غير البشتونية التي أرسلتها وزارة الدفاع الى المنطقة لمساعدة الاميركيين. أعلنت القيادة العسكرية الاميركية سحب قواتها من أرض المعركة شرق أفغانستان. وقال ناطق عسكري أميركي للصحافيين في قاعدة بغرام شمال كابول أمس: "سنسحب قواتنا وقوامها 400 عنصر، وأشك في عودتهم مرة أخرى" الى المنطقة. ورداً على سؤال عما إذا كان الانسحاب يعني إنهاء مشاركة الولاياتالمتحدة في المعركة الدائرة منذ ثمانية أيام قرب غارديز، قال ناطق آخر هو الميجور برايان هيلفيرتي: "في هذه المرحلة بالذات، نعم". وأفاد مراسلون وسكان القرى المحيطة بجبال عرما حيث يتحصن مقاتلون من "القاعدة" و"طالبان"، أنه لم يعد يسمع دوي قصف على تلك الجبال، لا من البر ولا من الجو. طلعات جوية وحلقت بعض الطائرات الاميركية في أجواء المنطقة قبل أن تختفي، فيما انقشعت الرؤية فوق جبال عرما وبانت السماء صافية بعد يومين من تساقط الثلوج والضباب الذي أعاق العمليات العسكرية وحال دون اقلاع عدد من الطائرات الاميركية. ولم يعرف على الفور مصير القوات المتحالفة مع الاميركيين المعززة بآليات مدرعة وناقلات جند ودبابات تمركزت في محيط غارديز، وهي مؤلفة في معظمها من مقاتلين طاجيك وأوزبك غرباء عن المنطقة ذات الغالبية البشتونية، أرسلتهم وزارة الدفاع الافغانية الى الجبهة استعداداً لهجوم حاسم. وتوقعت مصادر أفغانية أن يكون مقاتلو "القاعدة" و"طالبان" توغلوا بعيداً في جبال عرما أو غادروها، بعدما توعدوا بحرب عصابات طويلة الأمد ضد الاميركيين. وقال أحد القادة الميدانيين الافغان أمس، إن أكثر من 25 شيشانياً في عداد "القاعدة" قتلوا في القطاع الذي كان يعمل فيه، فيما تردد أن التنظيم فقد خمسمئة مقاتل في المعركة. ونفت المصادر الأميركية والأفغانية الموالية لها أن يكون من بين القتلى أسامة بن لادن أو الملا محمد عمر. وأفيد أن من بين القتلى متطوعاً مصرياً عرف باسم "شيخ صلاح". وشكلت الألغام التي زرعها مقاتلو "القاعدة" و"طالبان" عقبة كبيرة في طريق تقدم القوات الأميركية وحلفاؤها براً في المسالك الجبلية الوعرة. خلافات داخلية وبرزت أمس خلافات جدية بين القوات الأفغانية الموالية للأميركيين بسبب وجود ألف من القوات الطاجيكية التابعة لوزارة الدفاع الأفغانية في المنطقة، ما أثار حساسية السكان المحليين من البشتون. وتخوف مراقبون من اندلاع نزاع عرقي بين الجانبين. وأبلغت إلى "الحياة" مصادر أفغانية مطلعة أمس، أن من بين المقاتلين الطاجيك الألف، لم يدخل مناطق البشتون سوى 300، فيما ظل الباقون في ولاية لوغر المجاورة لبكتيا. ونقل عن القائد البشتوني المحلي عبد المتين حسن خيل قوله: "نحن قادرون على قتال القاعدة بمفردنا ولا نريد أحداً يقاتل معنا" وقال بعض المراقبين إن القادة البشتون المحليين لا يريدون أن يشاركهم أحد في اقتسام المكافآت التي يوزعها الأميركيون بالدولارات، فيما قال البعض الآخر إن القادة البشتون لا يريدون أن يتهموا بأنهم أدخلوا قوات طاجيكية إلى مناطقهم. كذلك، قال القائد المحلي محمد اسماعيل في مؤتمر صحافي: "نقترح على السيد حميد كارزاي رئيس الحكومة الموقتة إصدار أوامر الى القوات التي وصلت حديثًا بالعودة الى مواقعها الاصلية". وأضاف: "أؤكد لكم أننا نطيع الادارة الموقتة وندعمها. لكن المشكلة هي أنه في حال حل قضية شاهي كوت موقع المعركة فإن قوات القائد الطاجيكي غول حيدر قد تزعم أحقيتها في المنطقة وهذا ما نعارضه". وقال: "ننتهز هذه الفرصة لنطالب بترك قضية بكتيا لشعب بكتيا كليا"، في إشارة الى الولاية التي تدور فيها المعركة وعاصمتها غارديز. أسلحة من باكستان وفي غضون ذلك، ضبطت السلطات الباكستانية أمس شحنة أسلحة كانت مرسلة إلى "طالبان" و"القاعدة" وتضم ثلاثة صواريخ موجهة بالليزر إضافة إلى أسلحة خفيفة وقنابل. وهذه المرة الثانية التي تعلن فيها السلطات الباكستانية عن ضبط أسلحة مهربة الى أفغانستان، ذلك أن الحدود بين البلدين مفتوحة وعادة ما يتوافر في المناطق القبلية الباكستانية كل أنواع السلاح والذخيرة .