منذ نحو سنتين أشهرت إحدى الفضائيات العربية فضائية البحرين شعاراً خاصاً بها هو "تلفزيون العائلة"، وكانت تؤسس على ما يبدو لمادة تلفزيونية تدخل البيت العربي، فتجلّه وتحترمه وتقدم له ما يليق به. وهذه المحاولة مبنية حكماً على التواصل مع ما يناسب الأسرة العربية ويتوافق مع حاجاتها الفعلية عبر شاشة التلفزيون، وربما يأخذ بيدها الى حال اكثر انفتاحاً وحواراً وثقافة، وحتى فناً. لكن لا يمكن ابداً ان يقوم صاحب هذا الشعار بخرقه! وقد تكون عبارة "تلفزيون العائلة" مجرد شعار لتسويق المحطة التلفزيونية على اساس انها المحطة المفضلة بالنسبة للأسرة العربية بما تقدمه من برامج ومواد تلفزيونية وأخبار وتحليلات وغير ذلك. هذه الفكرة، او هذا الشعار، طرح مجدداً من فضائية عربية أخرى هي تلفزيون "المستقبل"، وكانت هذه الخطوة تعني مباشرة ان الشعار ضروري وملح ويستحق ان يتم تبنيه من اكثر من فضائية عربية. وأضاف تلفزيون "المستقبل" لعبارة "تلفزيون العائلة" صفة "العربية" أي صارت العبارة: "تلفزيون العائلة العربية"، وهي عبارة مكتملة تحمل المعنى الاجتماعي والقومي معاً، اضافة الى ما تحمله من معايير وقيم وراء صفة "العربية"، اي ان الدلالة اضحت تحمل المعنى الأول حكماً، لا المعنى الترويجي! إن وقفة متأنية أمام ما تقوم به فضائية "المستقبل" يشعرنا مباشرة بأن من المفيد التعاطي مع هذه الخطوة على أرضية نقدية، لبيان مدى توافق الشعار مع مضمون البرامج واللغة البصرية والاعلامية التي نراها أمامنا! أولاً يمكن القول انه لا علاقة للأسرة العربية بالكثير من المواد التي تعرضها شاشة "المستقبل"! وهذا النفي لا يعني انها غير مشاهدة او ان برامجها سيئة، ولكن التدقيق في واقع الحال يكشف مباشرة نأي البرامج والمواد المعروضة عن طبيعة الأسرة العربية، واحتياجاتها ومع ما يناسبها في لغة التعامل البصري اليومي. ثانياً ان مفهوم الأسرة العربية يحتاج الى تفصيل وتحديد كمفهوم ليتم بالتالي التعاطي معه والبناء عليه كما تمت الاشارة من قبل! هل تقصد فضائية "المستقبل" من العبارة ان "المستقبل" هو التلفزيون المفضل عربياً، كأن نقول عن احدى السيارات انها سيارة الأسرة السعيدة العربية، من اجل الترويج فقط، ولا تهم إن كانت هذه الأسرة سعيدة أم لا، ام ان كانت قادرة على تأمين طعامها أم لا؟! ثالثاً هل بحثت فضائية "المستقبل" فعلاً، ولو من خلال دراسة بسيطة، عما تحتاجه الأسرة العربية في مختلف أماكن البث التي يصل اليها القمر الاصطناعي؟ ان الأسرة العربية في بيروت هي غيرها في دمشق وغيرها في السعودية، ولكل من هذه الأسر خصوصيتها، ولكنها واحدة في قيمها وتقاليدها التي تعتز بها، والتي ينبغي على تلفزيون "المستقبل" او أي تلفزيون عربي ان يخاطبها بها ومن خلالها. ان المشاهد العربي بحاجة فعلية الى تلفزيون او محطة تلفزيونية تخاطب أسرته من هذا المنظور، انه يخاف من التلفزيون وآثاره السيئة لكنه يستسلم له، وعندما تأتي محطة "المستقبل" وتطرح له شعار "تلفزيون العائلة العربية" فانه يشعر بالاطمئنان الى ان ثمة من يفكر بهواجسه، اما ان يبقى الشعار للترويج، فهذا ما سيصيبه بالاحباط! هل شاشة "المستقبل" تقوم بهذا الدور؟! ان جمهور شاشة "المستقبل" مهم ولا يجب ان يشتت! إنها أفكار للحوار... ليس إلا؟!