أول الكلام: للشاعر في ذهول الأغصان/ عزت الطيري: أأنا موبوء بالشوق المارق يا أبتي الغارق في شهد النهر ويا أُمي النائمة على أحجار الخوف الكامن، والآمن تحت هدير الأشجان؟!! على هامش فعاليات "معرض الكتاب" بالقاهرة، وفي أمسية أشرع ضيافتها لنا: رجل القانون اليوم والمثقف السعودي/ محمد سعيد طيب، الذي تشجيه نغمات "قانون" الطرب ... كان حظي سعيداً وطيباً ان ألتقي في دفء هذه الحميمية بصديق غال على نفسي، اشتقت الى لقائه منذ زمن ... هو الكاتب السعودي، المدير العام لمؤسسة اليمامة الصحافية السابق/ فهد العريفي، وكانت الأحضان تعبيراً عن الأشواق ... لكنّ الدنيا الحديثة: صارت تباعد أكثر مما تُقرِّب!! إن "أبا عبدالعزيز"/ فهد العريفي: له نبتة راسخة وسامقة هناك فوق قمم جبال "حائل"، منذ اعتصم "حاتم الطائي" بجبل "أجا - 46 ق. ه." متحصناً ضد الغساسنة في الشام، وبقيت قمم جبال حائل مضيئة بتلك الأمجاد والصفات مع أهلها ... كأنَّ نيران كرم قبيلة "طي" لم تُخمد حتى الآن ولا يمكن لها ان تُخمد ... ذلك أن هذه الميزة تواصلت سمة وخصالاً لأهل حائل حتى اليوم! وتذكر كتب المؤرخين هذه المعلومة الأساسية: "ترتفع أعلى قمة في سلسلة جبال - أجا - الى 1350 متراً عن سطح البحر، وكانوا يطلقون على الجبل إسم: منَّاع، لأنه يمنع المغيرين والمناوئين عن كل من يأوي اليه". وللصديق العتيق المعتَّق بهذا الكرم الحاتمي/ فهد العريفي: كتاب عن مدينته الحاتمية/ حائل ... قصَّ فيه تاريخ هذه المنطقة كلها وكرم حاتمها، حتى جاء على بيت شعر قاله "امرؤ القيس" بعد أن قتل "بنو أسد" أباه، والتجأ الى "بني جديلة" من طيء: - أبَتْ "أجا" أن تسلم الدهر جارها فمن شاء فلينهض لها من مقاتل!! وقلت لصديقي الكبير بأخلاقه/ فهد العريفي: أيا شوق ... أيا شوق، ولكني أراك متزمِّلاً في برد القاهرة بالتأمل ... كأنك تحمل قلبك وتشدُّه! وبصفاء روحه وضحكته ... همس "أبو عبدالعزيز/ فهد العريفي" في أذني قائلاً: - أحاول الهروب من ثرثرة هذا العصر ... فالتأمل يا صديقي: انطلاق الى آفاق رحبة. وحين هممت بسؤال آخر أشاكس هدوءه ورزانته ... صدح نغم من حولنا في رحاب شجوننا التي فاضت وكأنها امتداد خَفق، وكأننا نملك هذا الإصرار الذي يؤكد: ان الحياة تبدأ بالحب وتنتهي بالحب ... فالدموع حب، ورحاب الشجون غنّت: ع اليادي اليادي ... يا قلوب مِدَّارِيَّه"!! ولكن ... كيف "تتدارى" القلوب، وعن أي شيء؟! تذكرت: "الصبّ تفضحه عيونه"! و... ما زلنا في أبعاد رحاب الشجون بكل دفء صوت نجاة النجوى: "أنا بَسْتنَّاك ... أنا"!! قلت في هذه الملاءمة بين الابتسامة وتأمُّل الخفق: إن النفس لا ترفض الملاءمة بين الحزن والفرح، ولا بين القدرة والضعف، ولا بين الغرور والارتطام ... لكن النفس تتطلع الى تسخير كل هذه الأضواء بلا حدود ... فقط: تتحصن ضد "الكدر" الطاغي على زماننا هذا، تماماً كما تحصَّن "حاتم الطائي" بجبل أجا ضد الغساسنة!!