سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسرائيل تتحدث عن "نقل" المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة وعن طلائع "حرب عصابات". عملية حاجز عين عريك تحمل القيادة الاسرائيلية على "تغيير خطة العمل" ضد الفلسطينيين
هزت عملية "عين عريك" الفدائية التي قتل فيها ستة جنود من وحدة سلاح الهندسة في الجيش الاسرائيلي مساء الثلثاء أركان الدولة العبرية وحملت الحكومة الاسرائيلية على الحديث عن تغيير في "خطة العمل" المتبعة منذ ستة عشر شهراً، وهي عمر المواجهة القائمة بين الفلسطينيين والاحتلال الاسرائيلي، واعادة تقويم أداء جيش الاحتلال نفسه في ضوء الضربات الموجعة التي لحقت بأقوى جيش في الشرق الأوسط والاخفاقات التي رافقت محاولات التصدي لبوادر حرب شعبية او حرب عصابات يبدو ان الفلسطينيين قرروا تركيزها في داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ضد الجيش والمستوطنين. منذ مطلع شهر شباط فبراير الجاري، قتل 17 عسكرياً اسرائيلياً وثمانية مستوطنين في هجمات فلسطينية مسلحة وصفت بالنوعية والجريئة بدءاً بتفجير احدث دبابة اسرائيلية ومروراً باقتحام مستوطنة يهودية تحظى بحراسة أمنية مشددة في قلب الضفة الغربية وعمليات اطلاق النار على الجنود المتمركزين على الحواجز الاحتلالية التي باتت تمثل رمزاً للاهانة والذل والمعاناة الفلسطينية، والتي يبلغ عددها في الضفة الغربية 650 حاجزاً. وتكتسب عملية حاجز عين عريك غرب مدينة رام الله، والذي يقع في المنطقة المصنفة ب تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية، أهمية بالغة لجهة التكتيك المتبع والهزيمة المرة التي مني بها أفراد احدى الوحدات المختارة من الجيش الاسرائيلي. فقد تمكنت خلية فلسطينية تابعة ل"كتائب شهداء الاقصى- طلائع الشهيد رائد الكرمي"، الجناح العسكري لحركة "فتح" من الاقتراب من مجموعة الجنود ثمانية واطلقت النار من مسافة قصيرة جداً عليهم وقتلتهم قبل ان يتمكنوا من الرد على النيران والاستيلاء على بندقيتين من نوع "ام 16" وابقاء بندقية "كلاشينكوف" في الموقع من دون أن يوقفها أحد، على رغم اعلان الجيش أن أحد الجنود الذين لم يصابوا بالنيران كان فوق الكارافان المتحرك قرب الحاجز ولم يتمكن من ايقافهم. وقدر التحقيق الإسرائيلي في الحادث عدد المهاجمين الفلسطينيين بين شخصين وأربعة أشخاص. وبلغ التكتم الاسرائيلي أوجه على تفاصيل العملية، إذ منع الصحافيون بمن فيهم الاسرائيليون، من الوصول الى موقع العملية أو مرافقة رئيس أركان الجيش الاسرائيلي في جولته في المكان برفقة كبار الضباط في الجيش الاسرائيلي. وكانت الصدمة مزدوجة، خصوصاً أن هذه العملية جاءت بعد اربعة ايام فقط من وقوع عملية مشابهة على حاجز سردا الواصل بين بير زيت ومدينة رام الله حيث قتل جندي وتم الاستيلاء على سلاح جندي آخر بعد ضربه بعصا كهربائية على يده وفقا للمصادر الاسرائيلية. ووجه محللون عسكريون وخبراء اسرائيليون اسئلة وانتقادات لاذعة للجيش الاسرائيلي لعدم استخلاصه العبر من الحوادث السابقة وعدم اتخاذ اجراءات تعزز الحماية للجنود المفترض انهم انفسهم يقومون بحماية امن اسرائيل والاسرائيليين من خلال هذه الحواجز. وفي إطار سلسلة اجتماعات امنية عقدها رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون مع كبار الضباط ورؤساء الأجهزة العسكرية والأمنية الاسرائيلية منذ فجر امس قررت اسرائيل دراسة امكانية ازالة بعض الحواجز الاحتلالية وتعزيز الوجود العسكري في اخرى لتفادي هجمات فلسطينية مشابهة في ضوء ما توصلت اليه هذه الاجتماعات والنقاشات من ان الفلسطينيين يتجهون نحو "حرب عصابات" تركز على مهاجمة الجيش الاسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقالت مصادر إسرائيلية نقلاً عن ما يمسى قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاسرائيلي ورئيس هيئة أركان الجيش وعن شارون نفسه انه تقرر "تغيير خطة العمل" ضد الفلسطينيين. وقالت المصادر إن رد الجيش الإسرائيلي سيكون "أكثر شدة وصرامة وسيشمل اساليب تكتيكية وعملياتية متنوعة"، ولهذا الغرض سيتم عقد اجتماعات يومية مع كبار الضباط والقادة الميدانيين في الجيش لبحث هذه الخطة وتطوراتها على الارض. ويبدو ان بوادر هذه الخطط تم تنفيذها في الهجوم الاسرائيلي الذي اعقب عملية عين عريك، إذ أكد شهود عيان ان عشرة على الاقل من افراد قوات الأمن الفلسطيني قتلوا بدم بارد وطبقاً لقرارات سابقة. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر قوله خلال هذه الاجتماعات ان "أي ارهابي لن يكون في مأمن وان الجيش الاسرائيلي سيطال جميع المخربين". ونقلت عن شارون تهديدات مشابهة توعد فيها بضربات أشد قسوة ضد الفلسطينيين، ولكنه قال إنه لن يسعى الى تقويض السلطة الفلسطينية و"لن يقود البلاد الى حرب". وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية أكدت أنها "لن تكتفي بقصف مبان فارغة". وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية إنه تمت دراسة "خطوات لم يسبق لها مثيل" في مشاورات ليلية جرت بين أركان الحكومة الاسرائيلية والجيش في اعقاب العملية. وجاء قصف كارافان داخل مجمع مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في إطار رسالة واضحة أراد بن اليعيزر توجيهها إلى عرفات شخصياً لممارسة مزيد من الضغوط عليه، خصوصاً أن معظم العمليات الناجحة التي نفذت أخيراً نفذها مسلحون من "كتائب شهداء الأقصى" التابعة ل"فتح". وعلى رغم الرد الإسرائيلي الدموي، لم يخف الشارع الفلسطيني ارتياحه على صعيدين، أولهما ان الهجمات المسلحة استهدفت رموز الاضطهاد والاذلال الذي يتعرض له الفلسطينيون ممثلة بقوات الاحتلال والمستوطنين وعلى وجه التحديد الحواجز العسكرية التي جعلت أيامهم ولياليهم كوابيس لا نهاية لها. والثاني، فشل وانهيار الحل العسكري الذي ينادي به شارون لقمع المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال وبداية تفهم الشارع الاسرائيلي ان البطش العسكري لن يجدي مع شعب لا يوجد مكان يهرب اليه سوى أرضه وان صموده على هذه الارض أهم ركائز مقومات بقائه.