سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ستة شهداء خلال 48 ساعة ... والسلطة تتهم حكومة شارون بتنفيذ التفجيرات . اسرائيل تعتمد اسلوبا جديدا لوقف الانتفاضة : السيارات المفخخة ونقل المعركة الى مدن فلسطينية
} بعد هدوء لم يصمد طويلاً، رافق التحركات السياسية والديبلوماسية والأمنية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، انفجر الوضع الأمني على الأرض مجدداً بسلسلة تفجيرات واغتيالات طاولت ناشطين فلسطينيين، اضافة الى قصف مستوطنات في قطاع غزة بقذائف "الهاون". وحمل التصعيد في طياته تكتيكا اسرائىليا جديدا يتضمن استخدام سيارات مفخخة لقتل الناشطين الفلسطينيين ونقل المعركة من المدن الاسرائيلية الى المدن الفلسطينية. استشهد امس رجل الامن فلسطيني في قطاع غزة لينضم الى خمسة شهداء فلسطينيين آخرين سقطوا اول من امس ضحية تفجيرين اسرائيليين احدهما في مدينة غزة والآخر في مدينة رام الله. واتهم وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه الاذرع العسكرية الاسرائيلية وعملاءها بالوقوف وراء الانفجارين الكبيرين اللذين هزا رام اللهوغزة بفارق ساعات بينهما مساء اول من امس وخلفا خمسة شهداء من بينهم طفلان. وقال ان التفجيرين "جزء من الخطة التصعيدية" التي تنفذها حكومة ارييل شارون وجيشه، متهما اسرائيل "بالوقوف وراء كل هذه الاعمال بمساعدة عملائها، وهي تتحمل مسؤولية ذلك كله والردود المسقبلية عليها". وأكد رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية امين الهندي للاذاعة الفلسطينية ان اسرائيل لا تزال تسعى الى وأد الانتفاضة، وطالب الفلسطينيين بأخذ الحيطة والحذر والابلاغ عن اجسام او اشخاص مشبوهين. وقال امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي ل"الحياة" ان "اسرائيل هي التي نفذت الانفجارين الارهابيين اللذين يمثلان اسلوبا ونوعية جديدة في العدوان الاسرائيلي ضد الآمنين والمدنيين في بيوتهم". وفي المقابل حمل بيان صادر عن مكتب شارون السلطة الفلسطينية مسؤولية التصعيد الحاصل، وقال ان "السلطة لا تحارب الارهاب وقواعده" وان المهمة الاولى لحكومة شارون هي اعادة الامن لسكان اسرائيل. ونفى وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر ان يكون لاسرائىل ضلع في الحادثين، وقال ان "الفلسطينيين يعدون المتفجرات ثم يتهمون الاسرائىليين بمسؤولية انفجارها، ما ينطوي على وقاحة لا حدود لها". واضاف ان بامكان الرئيس ياسر عرفات وقف اطلاق قذائف "الهاون" على المستوطنات لو اراد ذلك. وزاد ان اسرائيل لن تمس بعرفات شخصيا "اذ انها لم تعتد على المس برؤساء دول ولا ترد على الارهاب بارهاب مضاد". واشار وزير الامن الداخلي عوزي لنداو الى اهمية وجود المستوطنات حائلا دون هجمات على مدن اسرائىلية مأهولة بالسكان. وقال ان عرفات ليس شريكا حقيقيا للسلام. وقال وزير الاسكان ناتان شيرانسكي انه "لا يوجد لاسرائيل شريك لصنع السلام وعليها ان تتعامل في الحرب كما يجب التعامل في الحرب ومن منطق الاجماع القومي". انفجار رام الله وإنشغل الفلسطينيون حتى ساعات فجر أمس في البحث عن جثث الطفلين شهيد بركات سبعة اعوام وشقيقته ملك ثلاثة اعوام تحت انقاض منزلهما الذي هزه انفجار كبير على بعد 300 متر فقط من مقر الرئيس ياسر عرفات في قلب مدينة رام الله، وكذلك جثة حسن القاضي 27 عاما وهو من كوادر حركة "فتح" ومطلوب من الاجهزة الامنية الاسرائيلية. واصيبت جراء الانفجار والدة الشهيدين وشقيقتهما جنان اللتان انتشلتا من تحت ركام المنزل بصعوبة كبيرة. ونجا والد الشهيدين جمال وابنه الاصغر وعد 10شهور بأعجوبة عندما اصر شهيد ان يذهب والده ويشتري لهم "حلوى" من الدكان المجاور. فعاد جمال بعد دقائق معدودة الى منزله الذي تحول الى ركام دفن تحته جميع افراد عائلته بين جريح وشهيد. وتشير التحقيقات الاولية الى ان الانفجار نتج عن قنبلة زرعت في الطبقة السفلى من المنزل المكون من طبقتين، السفلى منهما كان يسكنها القاضي المتهم بقتل فتى اسرائيلي استدرج الى رام الله عبر الانترنت قبل اشهر. وتعهد المسؤولون الاسرائيليون حينها بالوصول الى الضالعين بعملية قتل الفتى. اشتباكات عنيفة وسادت اجواء الغضب والحزن مدينتي رام الله والبيرة اللتين اعلنتا الحداد العام على الشهداء الثلاثة، فيما شارك الالاف من المواطنين في تشييع الشهداء وسط هتافات داعية الى الانتقام وقتل المزيد من الجنود الاسرائيليين. وشهد المدخل الشمالي لمدينة البيرة تبادلا كثيفا لاطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي فور انتهاء الجنازة اعقبه قصف كثيف للمدفعية والرشاشات الثقيلة الاسرائيلية على المناطق السكنية في المدينة. وجرح الاسرائيليون شرطيا فلسطينيا كان على حاجز مدخل البيرة داخل المنطقة الواقعة تحت السيطرة الكاملة الفلسطينية. واصيب شخص آخر بشظايا قذيفة. مقتل مستوطن وفي رد فعل فوري على مقتل الطفلين والشاب الفلسطيني، قتل مستوطن من مستوطنة عوفرا المقامة على اراضي المواطنين في منطقة رام الله جراء اطلاق النار عليه على شارع رام الله - نابلس. وقالت مصادر عسكرية اسرائيلية ان المستوطن كان في طريقه الى مكان عمله في مستوطنة بيت ايل المجاورة حيث انقلبت سيارته بعد اطلاق 25 رصاصة من بندقية "كلاشينكوف" باتجاهه. واعلنت جهتان هما "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"كتائب الاقصى" مسؤوليتهما عن قتل المستوطن. واغلقت اسرائيل فورا الطرق ومنعت التجول في بلدة بيتين المجاورة وشددت من حصارها المفروض اصلا على البيرة ورام الله وشنت حملة اعتقالات واسعة، في الوقت الذي اعتدى فيه مستوطنون على المواطنين وسياراتهم المارة في شارع نابلس - رام الله الذي شهد لاحقا عملية اطلاق نار اخرى اصيب جراءها مستوطن آخر قرب نابلس. واعلنت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" مسؤوليتها عن الحادث عن جرح المستوطن. اقتحام المنطقة "أ" وفي قطاع غزة، اقتحم الجيش الإسرائيلي مجددا قبل ظهر أمس المنطقة أ الخاضعة امنيا واداريا للسلطة الفلسطينية بهدف تدمير منازل مجاورة للشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر، في مخيم البرازيل شرق مدينة رفح، مستغلاً انشغال المواطنين والمسلحين من "لجان المقاومة الشعبية" على حد سواء، في تشييع جثمان الشاب وائل خليل أبو محسن 22 عاماً إلى مثواه الأخير. وتصدت قوات الأمن الوطني للهجوم المباغت، فاستشهد النقيب محمد موسى أبو جزر 57 عاماً، فيما اصيبت فلسطينية 37 عاماً بجروح خطيرة. وتركت غالبية المشيعين الجنازة وتوجهت للمشاركة في صد الهجوم، فدارت اشتباكات عنيفة تمكن فيها رجال الأمن الوطني والمسلحون الفلسطينيون من صد الهجوم، وتقهقرت قوات الاحتلال وعادت من حيث أتت من دون ان تتمكن من تنفيذ مآربها وهدم المنازل. وكان محسن قتل لدى انفجار سيارة مفخخة كانت يمر بقربها في مستوطنة "رفيح يام" شمال غربي مدينة رفح أول من أمس. وعبرت مصادر فلسطينية عن شكوكها بان السيارة المفخخة التي قتل فيها محسن كانت معدة لبيعها لناشطين فلسطينيين مطلوبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية بهدف اغتيالهم. وما يسوغ هذا الاعتقاد والشكوك أنه بعد ساعات من الانفجار وقع انفجار آخر في سيارة مفخخة كانت متوقفة في مرآب أحد المنازل الواقعة غرب مدينة غزة مساء أول من أمس، راح ضحيته شهيدان، واصيب اربعة آخرون بجروح. وشيع نحو خمسة آلاف مواطن في مدينة غزة أمس جثمان الشهيدين حمدي المدهون 18 عاماً ومحمد أبو خالد 17 عاماً الذين قتلا في الانفجار، إلى مثواهما الأخير في مقبرة الشهداء. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" إن أصابع الاتهام تشير إلى سلطات الاحتلال التي يُعتقد أنها زرعت عبوة ناسفة في السيارة بهدف اغتيال أحد ناشطي حركة "حماس". سيارات مفخخة وتستند المصادر إلى معلومات تمتلكها أجهزة الأمن الفلسطينية، وإلى اعترافات أدلى بها عدد من العملاء المتعاونين مع الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وأشارت إلى حادث استشهاد أحد قياديي الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" محمد عبدالعال الشهر الماضي، الذي اشترى سيارة قبل أسبوع من استشهاده، تبين لاحقاً أثناء التحقيق ان أحد العملاء فخخها قبل ان يبيعها له. واشارت المصادر الى ان اجهزة الأمن الفلسطينية ضبطت 10 سيارات مفخخة هربها الجيش الاسرائيلي الى قطاع غزة لصالح عدد من العملاء بهدف بيعها الى مطلوبين فلسطينيين، الا ان المسؤولين والمواطنين الفلسطينيين على حد سواء ما زالوا مقتنعين بأن هناك سيارات مفخخة اخرى موجودة داخل قطاع غزة، الأمر الذي تم التأكد منه في شكل أولي من انفجار سيارة أول من امس في مدينة غزة. وكان اللواء الركن عبدالرازق المجايدة أمين سر المجلس الأعلى للامن القومي حذر السبت الماضي من وجود سيارات مفخخة. وقال ان الجيش الاسرائيلي الذي يسيطر على حدود قطاع غزة مع الدولة العبرية "يسهل دخول هذه السيارات الى مناطقتنا بهدف خدعة العملاء الذين باعوا انفسهم للشيطان والاحتلال". ويقول مراقبون ان حكومة تل ابيب بدأت تستخدم تكتيكات عسكرية جديدة ومتطورة في محاولاتها الحثيثة الرامية الى قمع الانتفاضة ووضع حد لها. ويضيف هؤلاء ان احدى هذه الوسائل هي نقل "المعركة من المدن الاسرائيلية الى المدن الفلسطينية". فبعد سلسلة من التفجيرات والعمليات الانتحارية في قلب المدن الاسرائيلية، بدأت تظهر سلسلة تفجيرات في قلب المدن الفلسطينية. في غضون ذلك، سقطت قذيفتا "هاون" على مستوطنة "موراغ" شمال مدينة رفح، دون وقوع اصابات في صفوف المستوطنين. كذلك وقعت مواجهات عند معبر المنطار وفي خانيونس اسفرت عن اصابة خمسة فلسطينيين، وصفت جراح احدهم وهو جرير زيدان الرواغ 15 عاما بجروح خطيرة.