على رغم كل المحاولات التي قامت بها بعض الدول والعالم يظلّ الصومال بلداً من دون حكومة مركزية، ويظل الصوماليون شعباً بلا حكومة. وكان لهذا الوضع أثره الكارثي على حياة الشعب الصومالي، على رغم أنه في بعض أنحاء البلاد، مثل صوماليلاند جمهورية ارض الصومال يعمّ السلام وتتولى حكومة منتخبة الحكم، وفي بونتلاند إدارة محلية، وفي مقديشو الحكومة الانتقالية المشلولة... إلا ان بقية البلاد في حال خراب، على رغم بعض التجارة، لا أمان فيها، ومستوى المعيشة تدهور، حتى ان مقدمي معونات الطوارىء يتعرّضون للتهديد والقتل والاختطاف. وللأزمة الصومالية أبعاد تتجاوز حدود الصومال. ... وعلى الدول أو المنظمات الحكومية، أو غير الحكومية، ألا تقيم علاقات مع أباطرة الحرب. وعلى الحكومة الاميركية ألا تحاور هؤلاء أو تقابلهم، لأنهم لا يمثلون أحداً، ويعتبرون نازيين وإرهابيين. وينتظر أبناء الشعب الصومالي إنهاء الأحداث وعبور هذه الأزمة الى بر الأمان. ويحاول زعماء الحرب الصوماليون، الذين توحدوا ضد الحكومة الانتقالية، أن يوهموا بوجود مراكز تدريب، ومعسكرات ل"القاعدة"، بأن لها فروعاً في الصومال، ولا تزال في خدمة "القاعدة" الأم أو بعض فروعها. ويقول زعماء الحرب ان ل"القاعدة" شخصيات داخل الحكومة الانتقالية، أو حكومة "صوماليلاند" أو "بونتلاند". وكل هذه المعلومات عارية من الصحة. وبعضهم، مثل الجنرال مورغان وغيره، كتبوا قائمة بأسماء أكثر من 20 ألف ارهابي في الصومال. فهل هذا الرقم معقول؟ لقد سجلوا من يريدون محاكمتهم أو يطالبون باستجوابهم. والقول ان هناك بعض المتطرفين صحيح. ولكن ليس لهم قوة أو نفوذ أو سلطة، لا على الحكومة الانتقالية ولا في "صوماليلاند" ولا "بونتلاند"، ولا يمثلون خطراً لا على الصوماليين ولا على العالم الخارجي. فالقبلية أقوى من هذه الشخصيات وما يدعون اليه. ووجود حكومة أو حكومات صومالية هو الركيزة الأساسية لمواجهة خطر الإرهاب في البلاد. والحركات المعارضة هي التي تضعف الاستقرار. وإذا عمّت الفوضى البلاد فان منظمات الإرهاب والحركات المعارضة ستجد فرصة لإنشاء قواعد ومعسكرات لها. وهذا ما يهدد الحكومة الأميركية. وهدف زعماء الحرب الصوماليون المعارضون أولاً وآخراً، القضاء على الحكومة الصومالية الانتقالية الحالية، والقضاء على السلام، أينما وجد، في أنحاء الصومال كلها، وهم يتوقون إلى السيطرة على بعض أجزاء البلاد، ويريدون أن تعمّ الفوضى أنحاء البلاد، ويريدون استخدام الحرب ضد الارهاب لتحقيق اهدافهم الخاصة. ولا شك في ان المخابرات الأثيوبية، من جهة أخرى، تضخّم الأخبار عن مراكز ومعسكرات ل"القاعدة" في الصومال، وتعطي صورة عن "الاتحاد الاسلامي الصومالي"، وتقديرات وأرقاماً عنه مخالفة لحجمه وعارية من الصحة. ومصلحتها في ذلك اضعاف الحركة الاسلامية الأثيوبية، والحصول على مساعدات أميركية، مثلما حصلت باكستان من قبل. ان الصومال كيان سياسي في أزمة. وهو منقسم على أسس قبلية. وكل قبيلة تخشى هجمات الأخرى. والعنف إذا لم يكن أعمال قطع طرق فهو عمل دفاعي أساساً. والعنصر الأساسي المفقود هو الثقة. ومن دون الثقة لا يمكن ان يكون هناك سلام أو أمن في الصومال، ولا يمكن إقامة حكومة مركزية. لندن - علي بيحي