عبرت الولاياتالمتحدة عن استيائها من تصريحات وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي انتقد "سذاجة وسطحية" السياسة الخارجية الأميركية، ووصف وزير الخارجية الأميركي كولن باول تصريحات نظيره الفرنسي ب "هلوسات"، وصحيفة "لوموند" الفرنسية اعتبرت ان الخلاف مع واشنطن "يعكس اختلافاً في الرؤية للوضع الدولي". التصريحات الفرنسية ليست مستغربة والخلافات السياسية بين واشنطنوباريس حول القضية الفلسطينية، وملف العراق، وتدخل أميركا في سياسات الاتحاد الأوروبي تقليدية ومعروفة، وانتقادات فيدرين الأخيرة، لم تأت بسبب هذه التراكمات التي تثير التوتر من وقت لآخر، ولا علاقة لها بتعامل واشنطن مع معتقلي القاعدة وطالبان ومبدأ "من ليس معنا فهو ضدنا"، لكن وزير الخارجية الفرنسي أراد من تصريحه أن يعبر عن رفضه للسياسة الخارجية الأميركية بطريقة مثيرة وغير مألوفة، لئلا يعتقد العالم أن فرنسا بمكانتها الأوروبية والدولية محسوبة على المتوسلين لأميركا الذين قصدهم وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم في تصريحاته في باريس قبل أيام. إن تصريحات فيدرين الساخرة التي أثارت كل هذا الاستياء، ينبغي أن لا تثير اهتمام واشنطن وحدها، فالمتوسلون للسياسة الأميركية معنيون بهذا الاستهزاء في شكل مباشر. والمهم في هذه التصريحات أنها صنعت ثنائية لتوسلنا وجعلت من استهزاء الفرنسيين وتوسلنا فسطاطين سياسيين جديدين "المستهزئين والمتوسلين"، وأخرجتنا للمرة الأولى منذ 11 أيلول سبتمبر من صورة المتحدّي والإرهابي والعنيد الذي لا يؤمن بالحوار، إلى صورة الغلبان المتوسل العاجز حتى عن الاستهزاء والسخرية، ولذلك ينبغي أن تضاف تصريحات فيدرين الأخيرة إلى مواقف فرنسا المشرفة معنا، لأنها كشفت لأميركا كم نحن ضعفاء إلى درجة السخرية، وعاجزين حتى عن الاستهزاء وفخورين بالتوسل والضعف وقلة الحيلة.