سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خفض كلفة القطاع العام والعسكر وخصخصة الكهرباء والخلوي والريجي والمصفاتين هذه السنة . الخطوات اللبنانية المقبلة لتفادي تفاقم الأزمة تتطلب استمرار التوافق السياسي وتجنب المحاصصة
يفترض ان تركز الحكومة اللبنانية اجراءاتها في المرحلة المقبلة على خطوتي خصخصة عدد من القطاعات والتخلص من فائض موظفي القطاع العام، في سياق الاجراءات الاقتصادية الهادفة الى الاصلاح المالي، وصولاً الى خفض العجز في الموازنة، كأحد شروط حصول لبنان على المساعدة الخارجية. وإذا كانت خطوتا الضريبة على القيمة المضافة التي تزيد اسعار عدد لا بأس به من السلع الاستهلاكية، وإلغاء الحماية على الوكالات التجارية الحصرية وتحرير استيراد الدواء والنفط بهدف خفض الاسعار، متلازمتين، لأن الثانية تعوض عن الأولى لجهة إحداث توازن في القوة الشرائية للمواطنين فإن التلازم ينطبق على خطوتي الخصخصة وخفض كلفة القطاع العام أيضاً. فارتفاع مدخول الخزينة اللبنانية من مردود الخصخصة يتوقف على مدى الربحية المنتظرة منها التي تشجع القطاع الخاص على شرائها. وهذه الربحية مرتبطة بدورها بمدى خفض الخسائر فيها لا سيما الناجمة عن فائض الموظفين. وتقر مصادر وزارية بما يقوله الخبراء الاقتصاديون بأن خطوات الحكومة الأخيرة، بما فيها إحالة مشروع قانون لرفع الحماية عن الوكالات الحصرية على اهميتها ليست كافية إذا لم تقترن مع خطوتي الخصخصة وخفض كلفة القطاع العام. فإذا كانت ضريبة القيمة المضافة تزيد من موارد الخزينة وبالتالي تسهم في خفض العجز، فإن ضمان عدم انفاق الزيادة في الواردات على القطاع العام يوجب تسريع خطوات الخصخصة والتخلص من كلفة عدد كبير من الموظفين، بهدف عدم تجاوز نسبة العجز التي قدرتها موازنة هذا العام وهي 5،40 في المئة. فإذا نجح لبنان في الاحتفاظ بهذه النسبة، سيتمكن من خفضها اكثر العام 2003 إذا سدّد جزءاً من دينه العام، من عائدات الخصخصة، وإذا حصل على مساعدات خارجية تتيح له خفض خدمة الدين التي تبلغ زهاء 45 في المئة من الموازنة. إلا ان نجاح الحكومة في الخطوات التالية يرتبط بمدى استمرار التوافق السياسي عليها من قبل اركان الحكم والطبقة الحاكمة، مثلما حصل في الاسابيع الماضية. فالتجربة عودت اللبنانيين على ان يتفقوا على خطوة ثم ليختلفوا على التالية. وهذا ما دفع وزير المال فؤاد السنيورة الى تكرار كلمات مثل "التردد" و"التباطؤ" في كلمته امام المجلس النيابي اثناء مناقشة الموازنة، اكثر من 20 مرة. هذا فضلاً عن اشارته الى ان المناكفات السياسية كانت مكلفة، مشيراً الى النزف الذي سببته في احتياطي مصرف لبنان الصيف الماضي. وتشير اوساط حكومية الى ان الحاجة الى استمرار هذا التوافق السياسي هو الذي دفع رئيس الحكومة رفيق الحريري الى التأكيد في المجلس النيابي انه إذا لم تتم خصخصة الكهرباء والهاتف الخلوي وإدارة حصر التبغ والتنباك هذا العام، فإن امام لبنان "مشكلة حقيقية". فسياسة الحكومة تقوم على اعتماد هذه الخطوات بديلاً مما تطلبه منه هيئات دولية، ويتضامن اهل الحكم على رفضها، ومنها ان يترك سعر صرف الليرة للسوق، والتخلي عن سياسة دعم استقرار هذا السعر كي لا ينعكس خفضه سلباً على المواطنين. ويتفاءل بعض المسؤولين بإمكان استمرار التوافق السياسي على رغم ان الخصخصة تفتح شهية البعض على الرغبة في الحصول على حصص منها ما يفتح الباب على عودة المناكفات. ويستند وزراء في تفاؤلهم الى ان رئىس الجمهورية اميل لحود كان اكد ان ثمة قرارات تؤخذ في مجلس الوزراء ولا تنفّذ وأن هذا كان فرصة من اجل تحريك الاجراءات المطلوبة. ونفت مصادر وزارية في هذا السياق نية إلغاء عدد من المؤسسات العامة التي تسبب إزالتها خلافات سياسية تعيق استمرار التوافق. وقالت ان لا أساس للسجال الذي حصل قبل يومين بين وزير الدولة بشارة مرهج كتلة الحريري ووزير الطاقة محمد بيضون كتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري حول طرح الأول لفكرة إلغاء مجلس الجنوب ورفض الثاني لها. لكن المصادر الوزارية نفسها قالت انه على رغم طرح مجموعة من الافكار لخفض كلفة القطاع العام، فإنه لم يتم تبني اي منها، فهي ليست من الأولويات. ومن الأفكار التي طرحت ايضاً إلغاء صندوق المهجّرين ومديرية أمن الدولة. ومن الخطوات التي يبدو انها تحظى بالتوافق السياسي حتى إشعار آخر والتي يفترض تسريعها: - تطبيق قرار الحكومة الاستغناء عن فائض القطاع العام من الموظفين، والذي كان اتخذ قبل اكثر من سنة من دون تنفيذه إلا في وزارة الإعلام على رغم انه أعطيت مهلة ثلاثة اشهر للوزراء كي يتقدموا بلوائح الفائضين في وزاراتهم. وتنتظر لجنة وزارية برئاسة الحريري تقريراً من مجلس الخدمة المدنية، ومن مديرية الابحاث والتوجيه فيه، لهذا الغرض، مع مشروع قانون يحدد سبل ملء الشواغر عبر التعاقد لثلاث سنوات قابلة للتجديد وفقاً لتقويم الأداء. ويشمل الفائض هنا غير المنتجين من الموظفين والموضوعين في التصرف غير عاملين بقرار حكومي والعاملين في مواقع غير منتجة، مع امكان نقلهم الى مواقع أخرى. ويتراوح عدد الفائضين بين 6 و7 آلاف موظف، يتناقصون او يتزايدون وفقاً لمدى حاجة الأفرقاء الى حماية نفوذهم السياسي والمحسوبين عليهم في الإدارة. - خفض كلفة القوات المسلحة عبر التدقيق في خفض بعض الامتيازات والحد من التجنيد والتطويع، بعدما جرى خفض بعض النفقات في موازنة العام الحالي. - التسريع في اقرار مشروع قانون خصخصة ادارة التبغ الريجي في المجلس النيابي، والذي يجيز للحكومة تلزيم نشاطها لشركة خاصة مدة 25 سنة، بقيمة 6،2 بليون دولار اميركي. وهذا سيرفع عن الخزينة عبء رواتب زهاء 1500 موظف. - انجاز تلزيم الهاتف الخلوي في نيسان ابريل المقبل برخصة لمدة عشرين سنة. وتتوقف قيمة المبلغ الذي تجنيه الخزينة منه على المزايدة العالمية التي ستجرى في هذا المجال. - تسريع خصخصة قطاع الكهرباء بدءاً بالجباية. وهذا سيوفر على الخزينة تدريجاً رواتب الجباة في مرحلة اولى يبلغ عددهم 400 جابٍ ويتقاضون نسبة على التحصيل ويمهد ذلك لخصخصة انتاج الطاقة وتوزيعها. - أن يبت المجلس النيابي في سرعة بقانون الإجازة للحكومة تلزيم بناء مصفاتين جديدتين لتكرير النفط في الزهراني وطرابلس، على طريقة B.O.T، وهذا سيتيح توفير رواتب زهاء 350 موظفاً يتقاضونها الآن من دون عمل نظراً الى ان المصفاتين معطلتان تماماً منذ سنوات. كما سيسمح المشروع الذي يشمل معالجة مادة الغاز، للدولة ان تدخل سوق النفط، بعد قرار الحكومة تحرير استيراده في سنوات لاحقة، لعلها تحقق ارباحاً، تساعد على خفض الرسوم على المحروقات. وتشير اوساط وزارية الى ان هذه الخطوات وغيرها إذا تحققت هذه السنة، قد تؤدي الى كسب لبنان المزيد من الوقت وقد تدفع الدول المعنية على مساعدته في برنامج طويل المدى يحول دون تفاقم أزمته الاقتصادية.