عززت العملية العسكرية التي شنها الجيش الاسرائيلي امس في قطاع غزة وقتل خلالها خمسة من رجال الشرطة الفلسطينية المخطط الاسرائيلي لتقسيم قطاع غزة الى ثلاث جزر معزولة عن بعضها بعضاً ما أدى الى تفاقم معاناة المواطنين الذين لم يعد بإمكانهم سوى ان يسلكوا طرقاً شديدة الوعورة وطريق الشاطئ. راجع ص 4 وأعلن ان الجيش الاسرائيلي قرر اقامة معبر حدودي كامل التجهيزات والمعدات الالكترونية في حاجز قلنديا الذي يفصل رام الله عن القدس. وكانت أعمال اقامة المعبر بدأت بالفعل ثم توقفت بسبب ضغوط اميركية واوروبية الا انها ستستأنف في القريب العاجل. وبدأ الهجوم الاسرائيلي الذي يعتبر الاوسع نطاقا منذ اندلاع المواجهات الفلسطينية - الاسرائيلية قبل 16 شهراً في الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء واستهدف بيت لاهيا ودير البلح وبيت حانون ومخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين. وقتل ثلاثة من عناصر الشرطة الفلسطينية في دير البلح اثناء عملية التوغل، وشرطيان في بيت حانون. وكانت سيدة فلسطينية تدعى نعيمة عبدالرحمن اصيبت بنوبة عصبية فارقت بعدها الحياة على الفور عندما اطلق الجنود الاسرائيليون النار باتجاهها عند مفترق الشهداء في غزة. وأعلن وزير النقل الاسرائيلي افراييم سنيه أحد اعضاء اللجنة الوزارية الامنية الاسرائيلية ان العمليات العسكرية في قطاع غزة ستستمر عدة أيام إذا اقتضى الأمر بهدف القضاء على معدي الصواريخ المحلية الصنع. وقال للاذاعة العسكرية الاسرائيلية: "البحث عن هذه الصواريخ وعن أولئك الذين يطلقونها قد يتطلب عملية واسعة النطاق وتستغرق وقتاً كبيراً، ولكن لا ينبغي أن تتحول الى عملية إعادة احتلال لهذه الأراضي". الرجوب الى ذلك، تضاربت الروايات الفلسطينية بشأن تفاصيل المشادة التي جرت بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية العقيد جبريل الرجوب اول من امس والتي يبدو انها وقعت على خلفية "صراع مراكز القوى"، حسب مصادر داخل السلطة الفلسطينية، فيما أكد الرجوب ان "الخلاف مع رمز التحرر الوطني والنضال الفلسطيني مع وجود الدبابات الاسرائيلية على بعد سبعين مترا من مقر الرئيس هو قمة الخيانة ولا يمكن ان أكون طرفاً فيه". وأكدت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان مسؤولين في الاجهزة الامنية الفلسطينية كانا في مكتب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أبلغاه بنبأ اطلاق الاسرى الفلسطينيين من حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" من سجون السلطة في مدينة الخليل وانهما حملا الرجوب مسؤولية ما حدث وعندها خرج عرفات من مكتبه الى مكتب آخر كان فيه الرجوب وجرت بينهما مشادة كلامية حادة. وكانت مصادر اسرائيلية قالت ان عرفات وجه صفعة الى الرجوب، غير ان المصادر الفلسطينية نفت وقوع مثل هذا التصرف. وكان الرجوب أكد في تصريح لصحيفة "القدس" المقدسية ان "القضية الفلسطينية والوحدة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني اكبر من بعض المهزومين الذين لا هم لهم الا بث الاشاعات الكاذبة واذكاء نار الفتنة والنميمة وخلق السناريوهات المدمرة التي ستنقلب على رؤوسهم فنحن في بلاد مقدسة ولا اسرار فيها". وقال مصدر كبير في حركة "فتح" ل"الحياة" ان خلفية ما حدث بين عرفات والرجوب مرده خلاف جوهري برز في اجتماع "المجلس الثوري" لحركة "فتح" الخميس الماضي بشأن مصير كتائب "شهداء الأقصى" الجناح العسكري لحركة "فتح" الذي تشكل في خضم الانتفاضة الفلسطينية القائمة. وقالت المصادر ذاتها ان توجهين مختلفين برزا خلال الجلسة التي لم يكتمل نصابها القانوني وشارك فيها نحو 20 عضواً من اصل 103 في ما يتعلق بالنهج الذي يتعين على السلطة الفلسطينية اتباعه في مسألة "كتائب الأقصى" في ضوء تجاوز بعض عناصرها التوجه السياسي العام القاضي بحصر العمليات العسكرية داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في اعقاب تبني هذه "الكتائب" مسؤولية اكثر من عملية داخل الخط الاخضر. وتناقضت الروايات بشأن تفاصيل النقاش الذي لم يشارك فيه الرئيس عرفات الا نادرا. ويخضع عرفات المحاصر في مقره منذ شهرين الى ضغوط هائلة اميركية واوروبية واسرائيلية طالبته بحل "كتائب شهداء الاقصى" أو الاعلان انها حركة ارهابية اذا لم يكن قادرا على ضبطها كما ورد على لسان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز قبل ايام. وأشارت المصادر ذاتها الى ان الجهة التي اصدرت البيان باسم المجلس الثوري و"كتائب شهداء الاقصى" بشأن حل هذه "الكتائب" نفسها بنفسها صدر عن الجهة التي عارضت حل الكتائب او الطريقة التي طرحت لحلها في الاجتماع المذكور "لقطع الطريق على النقاش الدائر بشان مصير الكتائب". وقال مصدر في السلطة الفلسطينة ل"الحياة" ان "سوء تفاهم وقع بين الرجلين" وان جهودا حثيثة تبذل لرأب الصدع الذي وقع واعادة المياه الى مجاريها.