دخل الرئيس الفرنسي جاك شيراك الديغولي رسمياً أمس السباق الرئاسي، بإعلانه من مدينة افينيون جنوب ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثانية. وشكل هذا الإعلان نصف مفاجأة، إذ يعرف الجميع في فرنسا أن شيراك ورئيس حكومته ليونيل جوسبان الاشتراكي، هما المرشحان الرئيسيان للانتخابات المقبلة التي ستجرى على دورتين في 21 نيسان ابريل و5 أيار مايو. الجديد في هذه الانتخابات أن مدة الولاية الرئاسية خفِضت من سبع إلى خمس سنوات. والعنصر الوحيد المفاجئ في خطوة شيراك تمثل باختياره مدينة افينيون لإعلان ترشحه، أثناء زيارته صديقته التي ترأس بلديتها ماري جوزيه روارغ، التي كانت فازت في الانتخابات البلدية، ملحقة هزيمة قاسية بوزيرة العمل والشؤون الاجتماعية اليزابيت غيغو اشتراكية. وأثارت غيغو غضب أوساط شيراك، عندما طرح احتمال استجوابه لدى القضاء، فأكدت أنها لا ترى سبباً لأن يكون أي رئيس للجمهورية "فوق العدالة". في افينيون، بادرت رئيسة بلدية المدينة بسؤال شيراك هل يعتزم الترشح للرئاسة، فقال: "سأجيبك بصراحة... نعم سأرشح نفسي لولاية جديدة". وقبل هذا الجواب، دافع الرئيس عن حصيلة السنتين الأوليين من ولايته التي بدأت عام 1995 واتسمت بالركود نتيجة الظروف الدولية، كما اضطرت فرنسا إلى القيام باصلاحات واسعة لإعادة ترتيب أوضاعها المالية والاستعداد لاعتماد اليورو. ودافع شيراك بهذه الحجة عن قراره حل الجمعية الوطنية البرلمان عام 1997، والذي أدى إلى فوز الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية. وأشار إلى أن السنوات الأربع بعد هذه الانتخابات التي أوصلت جوسبان إلى رئاسة الحكومة، شهدت نمواً استثنائياً مكّن الحكومة الاشتراكية من ايجاد فرص عمل جديدة وتأمين موارد مهمة للدولة. لكنه تساءل هل استفادت فرنسا بالفعل من هذا الظرف الايجابي، ملمحاً بذلك إلى فشل حكومة جوسبان الاشتراكية التي يتعايش معها منذ العام 1997. وجاءت ردود الفعل على إعلان شيراك خوض السباق الرئاسي متفاوتة. فالمرشح الثالث وزير الداخلية السابق جان بيار شوفنمان رحب، معتبراً أن "من الضروري بدء النقاش الديموقراطي، وعلى جوسبان أيضاً أن يعلن ترشحه". أما رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان جان مارك إرو، فسخر من ذلك الإعلان، معتبراً أنه "ليس سبقاً صحافياً"، وواصفاً شيراك بأنه مرشح دائم. وقالت ميشال اليو ماري، رئيسة حزب "التجمع من أجل الجمهورية" ديغولي، إن شيراك هو "المرشح الوحيد للعقل والقلب"، وان خوضه الانتخابات يتلاءم مع مصلحة فرنسا ومواطنيها. وبذلك استبق شيراك خصمه الاشتراكي جوسبان الذي كانت أوساطه أشارت إلى أنه سيعلن ترشحه في نهاية شباط فبراير الجاري. وأظهرت استطلاعات الرأي في وقت سابق أن غالبية الفرنسيين تريد أن يعلن شيراك وجوسبان ترشحهما، وأن يكفا عن اخفاء نيتهما المعروفة في هذا الصدد. وبدأت شعبية الرئيس الحالي أخيراً تسجل تراجعاً في الاستطلاعات، ترافق مع حملة إعلامية شرسة محورها الفضائح المتصلة بتمويل حزبه. ويرجح أن يؤدي إعلان شيراك ترشحه إلى إعادة الحيوية لحملته الانتخابية، خصوصاً أن كل التوقعات يشير إلى أن التنافس سيكون شديداً، نظراً إلى الغموض الذي يطغى على ميول الناخبين، إذ أبدى 62 في المئة منهم عدم اهتمام بالانتخابات الرئاسية. واختار كل من شيراك وجوسبان وشوفنمان أحياء شعبية وتاريخية لمقرات حملاتهم الانتخابية.