أثارت الرسالة الجوابية التي بعث بها الرئيس صدام حسين إلى رئيس الوزراء التركي بولنت أجاويد موجة غضب وسخط في الأوساط الديبلوماسية التركية، التي اعتبرت أن صدام برفضه اقتراحات أنقرة "أكد عزمه على المضي إلى ما فيه نهايته". وكان أجاويد بعث برسالة إلى الرئيس العراقي يحضه فيها على قبول عودة المفتشين الدوليين وإلا واجه "عواقب وخيمة"، اثر تهديدات وجهها الرئيس جورج بوش إلى صدام. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة أن أجاويد رأس اجتماعاً موسعاً شارك فيه ممثلون عن الجيش التركي وآخرون من الاستخبارات ووزارة الخارجية، لدرس استراتيجية أنقرة حيال العراق في ضوء رد صدام وتصميم أميركا على توجيه ضربة عسكرية إلى هذا البلد. وأشارت صحف تركية إلى أن أجاويد "لم يعد يستطيع انقاذ صدام من يدي أميركا"، فيما أعرب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني عن اقتناعه بأن واشنطن ستطيح الرئيس العراقي عاجلاً أو آجلاً. ورأى أن لا بد من تدخل عسكري جدي إذا حسمت إدارة بوش خيارها، في وقت كررت مصادر سياسية مطلعة في أنقرة أن تركيا تأمل باقناع الإدارة بانشاء منطقة حكم ذاتي للتركمان في كركوك والموصل، لتضمن السيطرة على مستقبل شمال العراق، وتحول دون قيام دولة كردية هناك. وكان قادة الأكراد العراقيين أكدوا أنهم لن يشاركوا في عمل عسكري أميركي قبل الحصول على ضمانات وتحقيق شروط. وإذ نفى طالباني أن تكون إدارة بوش تشاورت مع أكراد العراق في شأن أي سيناريو عسكري لإطاحة صدام، قال زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، إن الأكراد يريدون معرفة البديل المطروح ليحل محل الرئيس، قبل أي تحرك، معتبراً أن من الخطأ اعتبارهم "ثواراً تحت الطلب أو ورقة ضغط". ويُعتقد أن من بين شروط الأكراد للمشاركة في أي عمل عسكري ضمان حصولهم على إدارة فيديرالية في الشمال، ومنع تدخل أي قوة اقليمية في هذه المنطقة، خصوصاً تركيا. وأجمع محللون في أنقرة على القول: "فليُترك صدام يواجه مصيره، ما دام يريد ذلك". في غضون ذلك، باشر "المؤتمر الوطني العراقي" المعارض تحضيرات لعقد مؤتمرات سياسية و"عسكرية"، استباقاً للضربة الأميركية. ووجه رسائل إلى كل الأحزاب والتنظيمات التي كانت منضوية تحت لوائه عام 1993 وانسحبت منه أو جمدت نشاطها، داعياً اياها إلى الحوار وتوحيد المعارضة. وقال ل"الحياة" رئيس الهيئة القيادية ل"المؤتمر" الدكتور لطيف رشيد إن برنامج عمل اتفق عليه مع واشنطن، يشمل استضافتها في 15 آذار مارس المقبل مؤتمراً يضم الضباط المنشقين عن النظام العراقي، لمناقشة دورهم في تغييره راجع ص 3.