قرر المغرب إخضاع كل البواخر أحادية الهيكل التي يتجاوز عمرها 15 عاماً لترخيص مسبق من السلطات المحلية، قبل السماح لها بدخول المنطقة الاقتصادية البحرية المغربية، وذلك تجنباً لتكرار حادث التلوث الذي شهدته منطقة غاليسيا الاسبانية، عقب غرق سفينة "برستيج" في المحيط الاطلسي أخيراً وانتشار بقع الزيت الى سواحل دول مجاورة عدة. أعلنت الحكومة المغربية في بيان أمس "ان الناقلات التي تحمل النفط الخام والفيول الثقيل أو الزفت أو اي مواد اخرى تشكل خطراً على البيئة، ستخضع للتصريح المسبق من السلطات المغربية المختصة"، قبل ان يُسمح لها بعبور المنطقة الاقتصادية البحرية التي تقع 200 ميل داخل المحيط الاطلسي. وقالت انه سيتعين على طواقم السفن المعنية من الآن فصاعداً "تقديم كل المعلومات الضرورية، خصوصاً تلك المتعلقة بطبيعة الحمولة وتحديد هوية مالكي السفن ومستأجريها والوجهة التجارية للمواد المحمولة". ووضع المغرب بعض الناقلات، خصوصاً من دول منطقة الكاريبي وأفريقيا واميركا اللاتينية ضمن القائمة السوداء للسفن التي قد يتم رفض مرورها قرب السواحل المغربية بسبب قدمها وقلة صيانتها. وتعتبر الرباط نفسها مهددة بالتلوث البيئي لوجودها في منطقة تقاطع التجارة الدولية البحرية البحر المتوسط والمحيط الاطلسي، ومرور البواخر أحادية الهيكل الحاملة لمواد مهدّدة لسلامة السواحل. وتعبر نحو 600 باخرة يومياً المنطقة الاقتصادية البحرية. وطالب المغرب أيضاً برفع رسوم بوليصات التأمين في لندن على سفن الشحن القادمة وعدم التجديد لبعضها، خوفاً من تعرض سواحله لأضرار مثل التي حلّت بالسواحل الاسبانية، حيث تدفع الرياح بقع الزيت نحو الجنوب في اتجاه البرتغال والمغرب، بعدما وصلت السواحل الفرنسية شمالاً. يذكر ان سفينة نفط ايرانية كانت غرقت قرب سواحل الدار البيضاء عام 1990 وتسببت بكارثة بيئية كبيرة استدعت مساعدات عربية ودولية، منها منحة كان بعث بها العاهل السعودي، الملك فهد بن عبد العزيز، الى الملك الراحل الحسن الثاني، بقيمة 50 مليون دولار. من جهتها، أشادت المفوضية الاوروبية في بروكسيل بقرار المغرب إخضاع السفن أحادية الهيكل لتراخيص مسبقة. وقالت الناطقة باسم شؤون النقل في الاتحاد الاوروبي، ليولا بالاثيو: "ان الاتحاد ينوه بالموقف المغربي إثر غرق سفينة بريستيج قرب السواحل الاسبانية والأضرار الكبيرة التي لحقت بالمنطقة والمحميات الطبيعية من جراء ذلك". وأضافت: "ان الوقت قد حان ليجند الاتحاد الاوروبي والدول المجاورة طاقاتهم واتخاذ اجراءات وقائية لمواجهة مثل هذه الكوارث البيئية والعمل على عدم تكرارها مستقبلاً". واقترح وزراء النقل في الاتحاد أول من أمس منع ناقلات النفط أحادية الهيكل من الرسو في موانئ بلدان الاتحاد ال15. ودعوا الى توسيع الاجراء ليشمل بقية دول المغرب العربي القريبة، خصوصاً المغرب الذي سيبدأ معه الاتحاد مفاوضات في شأن موضوع السلامة البيئية على السواحل. واعتبر الاتحاد "ان القرار الاوروبي سيبقى ناقصاً اذا لم تنضم اليه دول شمال افريقيا لمنع تلك السفن من الرسو في الموانئ المغاربية". وكان المغرب اقترح على اسبانيا مساعدات تقنية في مجال مكافحة زحف بقع الزيت المتسربة من السفينة "بريستيج" التي تقبع تحت مياه المحيط الاطلسي بنصف حمولتها من النفط الخام، في محاولة لمنع تسرب بقع الزيت الى المناطق المجاورة في الشمال والجنوب بفعل قوة الرياح. كما اقترحت الرباط حلاً مؤقتاً في مجال الصيد البحري لتعويض البحارة الاسبان في منطقة غاليسيا، الذين كانوا يعيشون على الصيد في المياه الاقليمية، قبل ان تغطيها آلاف الأطنان من الزيت المتسرب. ويعتقد المراقبون ان الأزمات الاخيرة الغرق والفيضانات والحرائق قرّبت بين اسبانيا والمغرب، حيث تم تبادل المعلومات والخبرات والرسائل الديبلوماسية، تمهيداً لتعاون أكبر في مجال منع مرور السفن ذات الحمولات الخطيرة التي تهدد سواحل البلدين في الاطلسي والبحر المتوسط على السواء. وقال المراقبون ان هذا اعتراف ضمني من مدريد بدور المغرب في حماية البوابة الجنوبية لمضيق جبل طارق، حيث تمر اكثر من نصف بواخر التجارة الدولية.