كاراكاس، واشنطن - أ ف ب - اعربت الولاياتالمتحدة عن "قلقها البالغ" من الوضع في فنزويلا وطلبت من رعاياها عدم التوجه الى هذا البلد إلا لأسباب ملحة. وجاء ذلك اثر مقتل ثلاثة اشخاص وجرح 18 آخرين في اطلاق نار في كاراكاس مساء اول من امس، في اليوم الخامس من الاضراب العام الذي اعلنته التيارات المعارضة للرئيس هوغو شافيز. وفي وقت بدأ الاضراب يؤثر على صناعة النفط التي تشكل ركيزة اساسية لاقتصاد البلاد، دعا شافيز المواطنين الى الهدوء، معرباً عن استعداده لاستئناف المفاوضات مع المعارضة التي تطالب بتنحيه عن السلطة. وقال: "ادعو الذين يعارضونني والذين يدعمونني والمستقلين الى الاعتدال. ولنحاول التفكير في شكل صحيح". وفي المقابل، اتهمت المعارضة الحكومة بالتخلف عن حضور اجتماع "طاولة الحوار" التي شكلت في الثامن من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وعلقت منذ 30 منه بسبب الدعوة الى الاضراب. وقال ادواردو لابي احد مسؤولي المعارضة: "نحن ننتظر الحكومة منذ اكثر من ساعة ونصف الساعة، هذا دليل على اهمال الحكومة في ادارة الازمات"، مؤكداً ان هذه الطاولة ستظل قائمة لاخراج البلاد من الازمة. وكان دعا الى هذا الاجتماع الامين العام لمنظمة دول القارة الاميركية سيزار غافيريا الذي يقوم بدور الوسيط والذي اعرب عن "قلقه العميق" من اعمال العنف. وقال رئيس فرق الانقاذ في العاصمة الفنزويلية رودولفو بريكينو ان "اعمال العنف هذه تسببت للأسف، في مقتل ثلاثة اشخاص وجرح 18 آخرين". واشار ليوبولدو لوبيس معارض رئيس بلدية تشاكاو التي تشمل ساحة فرانسيا حيث وقع اطلاق النار، الى وجود "جرحى في حال خطرة". وقال مدير الشرطة القضائية ماركوس شافيز ان سبعة اشخاص يشتبه في ضلوعهم في الحادث، اوقفوا وضبط مسدس في حوزتهم. وتشكل ساحة فرانسيا في قلب حي التاميرا الفخم شرق كاراكاس، معقلاً للمعارضة حيث يتدفق عشرات الاشخاص يومياً منذ 22 تشرين الاول اكتوبر الماضي، دعماً ل14 ضابطاً تمردوا على شافيز، واعلنوا هذه المنطقة "ارضاً محررة". واتهم زعيم هؤلاء الضباط الجنرال ارينكي ميدينا السلطة التنفيذية بالتسبب في الحادث، ودعا العسكريين الى "ابداء رأيهم بهذه الحكومة المجرمة"، مشدداً على ان "ما شهدناه هذا المساء مجزرة وحشية". واعتبر وزير الداخلية ديوسدادو كابيو ان اطلاق النار "يندرج في اطار دوامة مستمرة يجب ان يرفضها الشعب الفنزويلي برمته". وقال: "اننا نحتج اشد الاحتجاج ونقول اننا لن نسمح باستمرار مثل هذا الوضع". تظاهرات متبادلة وكانت المعارضة قررت عصر اول من امس، تمديد الاضراب العام. وقال كارلوس اورتيغا رئيس الاتحاد العام للعمل في فنزويلا ان "الاضراب متواصل"، داعياً الى تظاهرة انطلاقاً من مقر شركة النفط الفنزويلية العامة في تشواو شرق كاراكاس امس. وفي المقابل، دعت حركة الجمهورية الخامسة بزعامة شافيز من جهتها الى تظاهرة تنطلق من غرب العاصمة الى وسطها احتجاجاً على ما وصفته ب"الارهاب" والابتزاز. وفي غضون ذلك، اقرت شركة النفط الفنزويلية العامة "بتروليوس دي فنزويلا" بانها اضطرت الى خفض حجم انتاجها لكنها اكدت انها ستؤمن الامدادات لزبائنها، لا سيما الولاياتالمتحدة. وقال علي رودريغس الامين العام السابق لمنظمة الدول المصدرة للنفط اوبك ورئيس الشركة الفنزويلية حالياً: "لا نملك تقديرات حول الخسائر حالياً، لكن الشركة اضطرت الى خفض حجم انتاجها الامر الذي يخلف بحد ذاته خسائر". ووضعت منشآت الشركة تحت حراسة الجيش. واشار احد كوادر الشركة النفطية والناطق باسم المضربين خوان فرنانديس الى استقالة اربعة من اصل ثمانية اعضاء في ادارة الشركة. وفي 11 نيسان ابريل الماضي، افضى اضراب مماثل تخللته اعمال عنف اسفرت عن سقوط 19 قتيلاً، الى انقلاب ابعد رئيس البلاد عن السلطة لمدة 47 ساعة، وتولى قيادته بيدرو كارمونا الذي كان رئيساً ل"فيديكاماراس" واللاجئ حالياً في كولومبيا. واعتبر رودريغيس ان الاضراب الحالي هو "خطة مبرمجة جيداً للتخريب تلقى بعض النجاح". وقال: "لا نزال نصدر النفط لكن الوضع قد يتدهور. اننا نبذل المستحيل لتجنب ذلك ولافشال خطة التخريب هذه". قلق اميركي والى ذلك، اكدت وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان "الادارة الاميركية تشعر بقلق بالغ من الوضع في فنزويلا بسبب الاحتمال الموجود بتصاعد موجة العنف". ونصحت واشنطن الاميركيين الذين يريدون السفر الى فنزويلا ب"تأجيل اي رحلة غير ضرورية في الوقت الراهن". ودعا البيان الاميركيين الموجودين في فنزويلا الآن الى "تأمين سلامتهم والتفكير في مغادرة البلاد". وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان واشنطن "ترغب في ان يستأنف حوار كامل في اسرع وقت ممكن" بين المعارضة والحكومة في فنزويلا. واكد دعم واشنطن للجهود التي تبذلها منظمة الدول الاميركية لحل الازمة. وقال ان واشنطن تدرس تأثير هذا الاضراب وهذه التوترات على السوق النفطية، لكنه اضاف: "لا نستطيع التكهن بالتأثير الذي يمكن ان ينجم عن الاضراب".