هل تدفع "يونايتد ايرلاينز"، ثاني أكبر شركة طيران في العالم، ثمن الحرب المرجحة ضد العراق وتأثيراتها السالبة المتوقعة على صناعة الطيران التجاري الأميركية؟ هذا على الأقل ما يوحيه إخفاق المفاوضات التي جرت بين "يونايتد" ومجموعة مصارف أميركية لضمان قرض بقيمة 8،1 بليون دولار يستخدم لتسديد ديون عاجلة. وسعت مجموعة الشركات الأميركية المنافسة على مدى الأيام الماضية لإقناع المسؤولين في وشنطن بعدم إعطاء القرض ل"يونايتد" التي كانت تأمل أن تتمكن من الخروج من أزمتها في الفترة المقبلة. ويعود سبب الجهود التي بذلها كل من "أميركان" و"دلتا" و"نورثوست" و"كونتيننتال" لإقناع "مجلس ادارة تثبيت الطيران" - برفض اعطاء ضمانة للقرض - وهو ما حصل يوم الأربعاء بزعم أن "القرض لا يستحق الحصول على ضمانة دافعي الضرائب"، إلى رغبة هذه الشركات في التخلص من الاتفاقات التي أبرمتها "يونايتد" مع طياريها وموظفيها، والتي تحولت الى حجر زاوية تستند اليه الاتفاقات العمالية المماثلة في صناعة الطيران الأميركية، والتي تعتبرها الشركات باهظة. أما السبب الثاني فهو الرغبة في تقليص حجم شركة منافسة، إن لم يكن التخلص منها، استعداداً للركود الذي ستشهده صناعة النقل الجوي في العالم، في حال اندلاع حرب ضد العراق، وحدوث من تراجع قدّره أحد كبار المسؤولين في مجموعة "بوينغ" بنحو 20 في المئة، أو ما يعادل ضعفي تراجع بعد 11 أيلول سبتمبر. وتعتبر "يونايتد" ثاني أكبر ناقلة جوية في العالم إذ يصل عدد رحلاتها اليومية إلى 1800 رحلة، أما عدد موظفيها فيبلغ 84 ألف موظف. وهي تملك مطارات - مراكز عدة في كل من شيكاغو ودنفر وواشنطن ولوس أنجليس وسان فرنسيسكو، بالاضافة إلى محطات دولية في كل من طوكيو وفرانكفورت وميامي وتورنتو. وتطير الشركة إلى 117 وجهة في 26 دولة، وإلى 729 وجهة في 124 بلداً حول العالم بفضل تحالف "ستار" الذي أسسته عام 1997 مع "لوفتهانزا" والذي بات يضم 13 شركة طيران. أما برنامج المسافرين الأوفياء لديها فيضم 40 مليون عضو. ومن المتوقع أن تتقدم الناقلة يوم غد بطلب اعلان افلاسها، وهي في هذه الحالة ستتمتع بفترة 60 يوماً للتفاوض مع "بوينغ" على إعادة جدولة سداد مبلغ قدره 3،1 بليون دولار، لتغطية جزء من ثمن شراء عشر طائرات "بوينغ 777" الحديثة. ويعتقد أن "بوينغ" التي تبلغ ديون ذراعها المالية "بوينغ كابيتال" 5،11 بليون دولار ستقدم فرصة ل"يونايتد" لتعديل أوضاعها. والسبب أن تراجع عدد اللاعبين في سوق النقل الجوي الأميركية سيضعفان جهود "بوينغ" لاستعادة نشاطها فيها. وفي هذا الاطار يقول المحللون إن "يو. أس إيرويز"، حليفة "يونايتد" التي سبق وأعلنت في آب أغسطس الماضي إفلاسها وطلبت حمايتها من الدائنين، ستتأثر سلباً وستعجز عن إعادة تمويل ديونها، في حال طلبت "يونايتد" الحماية بدورها من دون التوصل الى حل مرضٍ مع دائنيها. ولعل هذا بالذات هو السبب الذي تراهن عليه شركات الطيران الأميركية الأخرى كمدخل لابتلاع حصة الناقلتين المرهقتين، والتقاط أنفاسها ريثما تستقر أوضاع السوق الداخلية والدولية، وريثما يهدأ غبار حرب ضد العراق، إذا حدثت. وتراجع سعر سهم شركة "يو. إيه. إل"، وهي الشركة الأم المالكة ل"يونايتد"، بنسبة 68 في المئة بعد ساعات قليلة من وقف التعامل به ثم استئنافه في مداولات وول ستريت. وتبلغ قيمة السهم اليوم واحداً في المئة فقط من قيمته عام 1997. ولا يعرف كيف ستعمد "يونايتد" إلى إعادة هيكلة شبكتها. وكانت الشركة قلّصت عملياتها منذ 11 أيلول بنسبة 23 في المئة وأعلنت الأسبوع الماضي تخفيض أكلافها العمالية بمعدل 2،5 بليون دولار. وأكد كانوت لوفستنهاغن، مسؤول العلاقات الدولية في تحالف "ستار" في فرانكفورت، ل"الحياة" أن "الأمور تسير في شكل معتاد" رافضاً أن يعترف باحتمال حدوث تغير ما في جدول أعمال شبكة طيران "ستار" التي تؤمن "يونايتد" ربع معدلها اليومي من التشغيل. وينقل اتحاد "ستار" 292 مليون مسافر سنوياً بينما يصل عدد موظفيه الى 6،277 ألف عامل. وقال الناطق: "لا نرى مستقبل اتحاد ستار من دون يونايتد. وهم الآن يقيّمون ما ستكون عليه خطوتهم المقبلة، وقبل أن يقرروا لا يمكن إصدار تكهنات". ويُعتقد أنه في حال انهيار "يونايتد" فإن مصير "ستار" سيتغير، وكذلك الأمر مع تحالف "وان وورلد" الذي أسسته "البريطانية" و"أميركان"، الذي تعثر بسبب قيود أميركية منعت اندماج الناقلتين الأخيرتين. وتعكس أزمة "يونايتد" الحالية أزمة من نوع آخر تعيشها صناعة الطيران الأميركية التي زادت ديونها الدفترية بمقدار 60 في المئة في الاعوام الأربعة الماضية لتصل الى 106 بلايين دولار، منها 7،7 بليون دولار خسائر العام الماضي، وتسعة بلايين دولار خسائر متوقعة للسنة الجارية.