لو لم تحتو الاسطوانة المدمجة "لبنان 360 درجة" سوى امكان ارسال المشاهد البانورامية للبنان كبطاقات الكترونية، لربما كفاها نجاحاً! وربما كان سبب المجازفة في هذا القول، هو النجاح المدهش الذي حققته رسائل الخلوي القصيرة SMS. وهذه الاخيرة حققت كخدمة جانبية و"غير اساسية" نجاحاً قوياً بحيث انها صارت من اسباب انتشار الخلوي نفسه! هل يتكرر الامر نفسه مع الاسطوانة المدمجة "لبنان 360 درجة"؟ تفتتح الاسطوانة على صورة لأعلى قمة في لبنان، القرنة السوداء. ويترافق هذا المدخل "العالي" مع موسيقى وترية ذات طابع شرقي ونفس سياحي، كمن ينظر الى لبنان من اعلى، ليلقي نظرة شاملة، ثم يدخل الى تفاصيل الوطن. وتقدم الاسطوانة الرقمية صوراً ثلاثية الابعاد. وتدور العدسة 360 درجة، اي دائرة كاملة. وتظهر يد لتدل العين الى الاتجاه الذي يختاره المشاهد. وعندما تظهر صورة المكبر، فهذا يعني امكان الدخول الى عمق المكان وتفاصيله الصغيرة. اي انها "جولة افتراضية" في مئة موقع من لبنان. وعمل فريق من شركة "سويل بيكس" SWELPIX اللبنانية لمدة سنتين، وتنقل في ارجاء لبنان لالتقاط صور الآثار والاماكن الدينية والساحل والكهوف والاودية والمدن والمياه وغيرها. وصورت المشاهد بكاميرات رقمية تعطي صوراً مسطحة، وعمل برنامج خاص طورته شركة "اي باكس" IPIX الاميركية على تجميع هذه الصور، وتركيبها في شكل صور ثلاثية الأبعاد. وتعطي القائمة امكان اختيار صور الاماكن بحسب توزيعها الجغرافي على الخريطة. ومع كل مشهد بانورامي، يظهر نص ليشرح ما تراه العين. هذه القلعة الفينيقية القديمة في مدينة جبيل الساحلية، وذاك مشهد السوق العتيق في مدينة صيدا الساحلية، وهذه هي مغارة جعيتا المذهلة... الخ. ويعيب على النصوص غياب اللغة العربية عنها. ووعد الشاب ملكيان باسيل، الذي صنع الاسطوانة، بأن تحتوي النسخة الجديدة من الاسطوانة نصوصاً وخيارات عربية. هل اعجبتك الصور التفصيلية لقلعة بعلبك، او لنهر ابراهيم؟ اذاً، بامكانك ان ترسلها كبطاقة الكترونية الى من ترغب من الاصدقاء. من الواضح انها اضافة رقمية الى عالم السياحة، ولكن هل يمكن ان تشكل اسلوباً جديداً في تدريس الجغرافيا مثلاً؟ وفي عصر تتوافر المعلومات كسيول، يصبح "الحفظ" اسوأ اسلوب تعليمي. ولمَ لا، يتفرج الطالب على صور بانورامية ثلاثية الأبعاد، فيسهل عليه التعرف الى معنى المعلومة نفسها. ويتكفل الابداع بالبقية. من رؤية الشجرة يجرد دماغ الانسان مفهوم الغابة، ماذا يبدع عندما "يزور" افتراضياً المعلومة التي يتوجب حفظها؟ كما لوحظ ان الاسطوانة معدة لتعمل على نظام "ويندوز" فقط. ويؤدي الامر الى حرمان مستخدمي نظام "ماكينتوش" الذين يقدر عددهم بما يقارب 15 في المئة من مجمل جمهور الكومبيوتر عربياً، من الوصول الى هذه الاسطوانة. وما يزيد في اهمية هذا الامر، ان القيمين على الاسطوانة يضعون نصب اعينهم الجمهور العربي واللبناني في المهجر. وفي دول اوروبا والقارة الاميركية، يلاقي نظام "ماكينتوش" رواجاً يفوق ما يحققه في الدول العربية.