أخذت عملية شد الحبال بين طهران والادارة الاميركية عام 2002، منحى تصعيدياً اكثر خطورة مع قيام الرئىس الاميركي جورج بوش بوضع ايران على لائحة ما سماه "محور الشر"، الى جانب كل من العراق وكوريا الشمالية، وهي خطوة وقعت كالصاعقة على الشعب والحكومة الايرانيين، وكانت كفيلة بنسف كل آمال المتفائلين بتحقيق اختراق في جدار عدم الثقة بين البلدين اثر التعاون الذي قدمته ايران للولايات المتحدة في "الحرب على الارهاب" في افغانستان. ومع "اطلاق" وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد تمنياته بقيام الشباب والنساء الايرانيين بتغيير النظام الاسلامي في ايران، بلغت الريبة الايرانية حدها الاقصى تجاه ما يصفه الرئىس الايراني محمد خاتمي بالفريق المتطرف في الادارة الاميركية، معتبراً "ان هذا الفريق يهدد الاستقرار والأمن في العالم عبر اتخاذه "العسكريتارية" سبيلاً لحوار معارضيه. وجاء الاعداد الاميركي للحرب على العراق ليضع طهران امام مواجهة استحقاق جديد هو امتداد النفوذ الاميركي العسكري الى خاصرتها الغربية في العراق، بعد امتداده الى خاصرتها الشرقية في افغانستان، وعندها ستجد ايران نفسها وسط حزام نار اميركي يشمل العراق والخليج وأفغانستان، مروراً بدول آسيا الوسطى والقوقاز وصولاً الى حدود ايران البحرية في بحر قزوين شمالاً. ومع ازدياد الاتهامات الاميركية لايران بدعم ما تصفه واشنطن بالارهاب والسعي الى امتلاك السلاح النووي، ادركت طهران ان الادارة الاميركية تريد ابقاءها تحت دائرة الضغط من اجل ابعادها عن التأثير في الملفين العراقي والفلسطيني وعدم عرقلة الخطط الاميركية المتعلقة بالحرب على العراق. اما الرد الايراني فتمثل بسياسة عدم التصعيد، لكن من دون التراجع عن ثوابت السياسة الايرانية، وخصوصاً المتعلقة بالقضية الفلسطينية واستمرار التعاون النووي مع روسيا للأغراض السلمية واتباع سياسة الحياد النشط في شأن ملف العراق، بما يمكن السياسية الايرانية من المرونة والتمايل في وجه الضغوط الاميركية كتمايل سنبلة القمح في وجه الرياح العاتية، كي لا يتم اقتلاعها. لكن ابرز نتائج التطرف الاميركي نحو طهران كان تقوية موقف المتطرفين في ايران لمواجهة الاصلاحات تحت ستار ازدياد الضغوط الخارجية، وهو امر دفع بعض الاوساط الاصلاحية الى الحديث عن تكامل الادوار بين المتطرفين في كل من الولاياتالمتحدةوايران لمحاصرة الرئىس محمد خاتمي وبرامجه الاصلاحية. وتميز العام 2002 باستمرار التجاذب الاصلاحي - المحافظ حول حدود الحرية وطبيعة الاصلاحات. وحصلت ابرز التجاذبات بين البرلمان الاصلاحي والقضاء المحافظ في شأن المحاكمات، وخصوصاً الزوبعة التي اثارها حكم اولي بالاعدام صدر بحق الناشط الاصلاحي هاشم آغاجاري، وأدى الى قيام احتجاجات كبيرة في الجامعات قبل ان يتم اعادة النظر فيه. وظلت الاحتجاجات تحت السيطرة تخوفاً من انفلات الوضع ولمنع تكرار حوادث الحي الجامعي التي وقعت عام 1999. اما اهم خطوات الاصلاحيين للخروج من الحلقة المفرغة من التجاذب مع المحافظين فتمثلت في مصادقة البرلمان الاصلاحي - في قراءة اولى - على مشروعي قانون، يهدف الاول الى دعم صلاحيات الرئىس محمد خاتمي في وقف ما يراه انتهاكاً للدستور ومنها الاحكام القضائية، ويهدف الثاني الى الافساح في المجال امام كل المرشحين للانتخابات لخوضها من دون تدخل المجلس الدستوري المحافظ في قبول او رفض المرشحين. وسارع المحافظون الى رفض هذين المشروعين، ما رجح فرضية رفع الخلاف حولهما الى مجلس تشخيص مصلحة النظام برئاسة هاشمي رفسنجاني.