دخلت قضية حكم الاعدام على الكاتب الإصلاحي هاشم آغاجاري، مرحلة جديدة من التعقيد، تمثّلت في تحديه القضاء، فيما دخل الرئيس الايراني محمد خاتمي على خط الأزمة ليعلن رفضه هذا الحكم. وواصل طلبة الجامعات الايرانية التظاهرات تأييدًا لاستاذهم آغاجاري، في حين انتقد القضاء المحافظ معارضي الحكم ضد الاخير. خرج الرئيس الايراني محمد خاتمي أمس، عن صمته حيال حكم الاعدام الذي أصدره القضاء المحافظ على الكاتب والاستاذ الجامعي هاشم آغاجاري بتهمة الإساءة إلى الدين بسبب دعوته إلى التجديد في الاسلام. وأعلن خاتمي رفضه الحكم الذي اعتبره "غير مناسب". ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن خاتمي قوله: "إن هذا الحكم غير ملائم واستهجن شخصيًا هذا النوع من الممارسات". ودعا إلى إنهاء هذه القضية في شكل جيد، لأنه "لم يكن من المفروض أن يصدر الحكم بهذه الطريقة، وهو غير قابل للتنفيذ". وتعقّدت القضية قضائيًا، بعدما رفض آغاجاري تقديم استئناف للحكم، ما يعني دخوله في تحد مباشر مع القضاء. ونقل عنه محاميه صالح نكبخت القول: "على الذين أصدروا الحكم أن يروا إذا كان مُصيبًا فلينقذوه، وإذا كان خاطئًا فيجب على السلطة القضائية أن تبحث عن الأسباب التي أدت إلى صدور هكذا حكم قضائي". وأكد المحامي أنه سيستمر في محاولة إقناع موكله باستئناف الحكم. وتعزز هذه المعطيات احتمالات تدخل مرشد الجمهورية علي خامنئي لاخراج الازمة من النفق الذي دخلت فيه، خصوصًا وأن لدى المرشد صلاحية إصدار عفو عن آغاجاري. وهناك طريق آخر يتمثّل في قيام رئيس السلطة القضائية هاشمي شاهرودي بالايعاز إلى محكمة الاستئناف إعادة النظر في القضية، خصوصًا أن شاهرودي كان أعرب عن الأمل في أن تقوم المحكمة العليا بالنظر في القضية في أسرع وقت ممكن. وكان حكم الاعدام الذي أصدرته محكمة في همدان غرب إيران في السادس من الشهر الجاري، أثار ردود فعل واسعة في إيران وتظاهرات يومية منذ السبت الماضي، وانتقادات شديدة حتى في صفوف المحافظين. تظاهرات الطلاب واستمرّت الاحتجاجات من جانب طلبة الجامعات الايرانية ضد حكم إعدام آغاجاري. ونظّم طلبة جامعة أمير كبير وسط طهران، تجمعًا احتجاجيًا شارك فيه أكثر من ألفي طالب، داخل الحرم الجامعي، فيما انتشرت قوات الشرطة خارج الحرم. ومنعت التجمعات في الشوارع كي ينحصر الاحتجاج داخل أسوار الجامعة ولا يخرج إلى الشارع لأن احتمالات الصدام عندها تبدو واردة. وعلمت "الحياة" من مصادر الطلبة أن هذه الاحتجاجات ستستمر في جامعات إيرانية أخرى، فيما دعا خاتمي الطلبة إلى الحفاظ على الهدوء والابتعاد عن القيام بأي عمل قد يؤدي إلى وقوع اضطرابات، من أجل قطع الطريق على الذين يريدون الاستفادة في شكل سييء من ذلك. وكانت قوى إصلاحية مقرّبة من خاتمي دعت الطلبة إلى الحفاظ على الهدوء، وسط مخاوف إصلاحية من محاولة المتشددين الاستفادة من أي حادث لتشديد قبضتهم على الشارع. القضاء يتشدد وأبدى القضاء موقفًا حازمًا في رفض الانتقادات الشديدة التي وجهها إليه البرلمان والقوى الإصلاحية. وقالت دائرة العلاقات العامة في القضاء بلهجة انتقادية: "كيف يمكن الدفاع عن شخص يقول إنه مسلم، ويشكك بمبادئ الدين، ويصف الذين يقتدون برجال الدين بأنهم مثل القرود". وسأل واضعو البيان: "ألا تبرر هذه التصريحات التي كررها المتهم مرارًا خلال المحاكمة، صدور حكم من هذا النوع على يد قاض مسلم ومؤمن؟". وأخذ البيان على آغاجاري أنه ذهب أبعد من كارل ماركس بقوله إن "الدين ليس فقط أفيون الشعوب بل أفيون السلطة أيضًا". وأضاف: "هل نستطيع أن ندافع عن أحد يعتبر أن كل مدرّسي الدين ظلاميون وينتمون إلى الماضي؟". وجاء ذلك على رغم أن جهات محافظة وجهت انتقادًا للحكم. وكان من بين تلك الجهات صحيفة "جمهوري إسلامي"، ومجلس ممثلي المرشد خامنئي في الجامعات الايرانية. ولا يبدو أن صنّاع القرار سيسمحون بأن تطول هذه الأزمة لأن الظرف الاقليمي والدولي الضاغط في شأن احتمال ضرب العراق من الولاياتالمتحدة، لا يسمح لايران بأن تشهد أي خضّات داخلية.