الى متى سيظل المسرح في سورية متخبطاً ما بين مدٍ وجزر، وعلى عاتق من تقع المسؤولية ما بين المؤلف والمخرج والممثل والجمهور والقائمين على المسرح؟ سؤال يطرح نفسه، فنعاود طرحه على بعض المهتمين من الشباب. جمال المنيّر، ممثل في المسرح الجامعي، يقول: "الحال التي نمر فيها تجاه تأزم المسرح طبيعية، كون المسرح في بلادنا طفلٌ في عامه الأول، ولكن يقع على عاتقنا تطوير المسرح والنهوض به بالتدريج. فالقائمون على المسرح عليهم الاهتمام بالتوعية تجاه اهميته في تطور المجتمع عن طريق الاعلام، وخصوصاً التلفزيون الذي حول اهتمام الجمهور اليه، ما حدا بالممثلين بالتوجه اليه، لتحقيق جماهيرية أكبر، اضافة الى ندرة مؤلفي المسرح، فكانت غالبية المؤلفين تتجه نحو اعداد نصوص اجنبية، وتقديمها على المسرح، متجاهلة مشكلاتنا وهمومنا الخاصة في البلاد العربية، وكانت عروض المسرح تقتصر على النخبة المحصورة بين الممثلين أنفسهم، بينما توجه عامة الناس الى المسلسلات وخاصة الاجتماعية منها". أما كوزيت حداد، الطالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التمثيل، فترى "ان من اهم ركائز المسرح في سورية، الجمهور، الذي يتوقف اقباله لمشاهدة المسرح على نوعية النص المسرحي. فنلاحظ ان العروض المسرحية التي تحظى بجمهور كبير، هي غالباً ما تكون لكتاب محليين. كون النصوص المحلية مستمدة من حياة الناس ومشكلاتهم وهمومهم، فيأتي النص المسرحي المحلي ويضع يده على جروح الجمهور، وبالتالي يكون العرض المسرحي رائعاً ومتكاملاً بمجرد ان يلامس شيئاً من حياتهم، بينما العروض المقتبسة من نصوص اجنبية فلا تحظى سوى بالقليل من المهتمين. وهنا يجب ان ننتبه الى ندرة وجود النص المسرحي المحلي الجيد. لكن هناك النص التلفزيوني، فالكتاب المحليون وجهوا كل اهتماماتهم الى النص التلفزيوني حيث يجدون الحظ المادي الأوفر والشهرة والتقدير، كما ان التلفزيون اصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، وملاحظة وجود ثورة درامية تلفزيونية سورية. وهكذا شكل التلفزيون المنافس الأكبر للعروض المسرحية السورية. وما دعم التلفزيون اكثر وأكثر هو ان شروط مشاهدته اسهل بكثير من شروط مشاهدة المسرح. هيلين الجنابي، وهي طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التمثيل، تقول: "ما يمر به المسرح في بلادنا من انتكاسات، راجع الى عوامل عدة، اولها الممثل الذي يعتلي خشبة المسرح، ومدى اخلاصه لهذه الخشبة المقدسة وتفانيه من اجلها، وما يقدم له من امكانات تساعده على تطوير العرض المسرحي. وتكمن المشكلة ايضاً في شكل العرض المسرحي نفسه، الذي غالباً ما يصيبه التكرار، فنجده جامداً بعيداً من الابتكار الذي يرد الحياة للمسرح، وبعيداً من طرح المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا، كما نلاحظ ان المقولة المسرحية جاهزة ومكررة، اضافة الى العامل المادي الذي يعتبر من اهم العوائق في وجه تطور المسرح، فتدني اجور المسرحيين وافتقاد التمويل، يؤدي بالممثل الى الهروب الى الشاشة الصغيرة ليؤمن مستلزمات الحياة".