بسبب قدرته الفائقة على تحويل "قضايا محلية الى هموم كونية" واعتماده اصلاً على "اللغة المرئية الصريحة" في معالجة الحياة اليومية العربية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قررت "مؤسسة الامير كلاوس" الهولندية تقديم احدى جوائزها للعام الجاري الى رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات. كما منحت المؤسسة جائزة اخرى الى الصحافية الاسرائيلية اميرة هاس لانها "تضع نفسها فوق الاحزاب وتتجاوز الحدود لتصل الى تفاهم مشترك بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي" الى ان صارت "تعمل وتعيش في الجانب الفلسطيني لنقل احباطاته بروح ناقدة". ولم ير الفنان السوري مشكلة في حصوله على جائزة من مؤسسة منحت جائزة اخرى الى صحافية اسرائيلية "تدافع عن قضايانا في وقت نحن في امس الحاجة الى كسب ناس يدافعون عن حقوقنا وعن المظلومين في العالم"، داعياً إلى "عدم التشرنق وراء الشكليات". وهذه المرة الثانية التي تمنح فيها "مؤسسة كلاوس" جائزتها الى شخصية سورية بعد تقديمها في العام الماضي الى "المفكر العظيم انطون المقدسي الذي خط طرقا للتفكير في العالم العربي". ومن المقرر ان يقيم السفير الهولندي رودريك فان تشيرفان حفلة استقبال الاسبوع المقبل لتقديم الجائزة التي تبلغ قيمتها 25 الف يورو. وجاء في بيان رسمي اصدرته امس السفارة الهولندية ان الجائزة منحت الى فرزات لأن "رسوماته تعالج بخاصة مواضيع محلية، لكنها تبدو كونية باللغة المرئية التي يستعملها" ولانه "يستثمر اقصى امكاناته لإثارة نقاشات وتعليقات اجتماعية. كما ان طريقة المصارحة الجريئة في تقديم القضايا في الصحافة المحلية او الخارجية تدفع قراءه الى تأمل حياتهم اليومية بكل صراحة والنظر من زوايا جديدة الى السياسة والاقتصاد والمجتمع". وبدأ فرزات 51 سنة الرسم في الصحف المحلية السورية، لكن عرضه رسماً عن توزيع الرئيس العراقي صدام حسين اوسمة الى الشعب في احد المعارض الاوروبية ساهم الى حد كبير في انتشاره عربياً وخليجياً، إلى ان بدأ في شباط فبراير العام الماضي باصدار صحيفة "الدومري" الساخرة باعتبارها اول صحيفة سورية خاصة تصدر منذ "تأميم" الصحافة قبل نحو اربعين سنة، بدعم من الدكتور بشار الاسد. ويعمل فرزات عبر رسوماته ل"تسريح الشرطة من ادمغتنا وادمغة الناس ودفعهم للحوار والمصارحة عبر اخضاع كل شيء للنقد لان ليس هناك خطوط حمر سوى مصلحة الوطن"، فتعرضت "الدومري" الى المنع مرة على الاقل قبل ان تعود الى الرمزية مرة اخرى في التعاطي مع الجمهور بدلا من النقد المباشر، ما افقدها جزءاً كبيراَ من جمهورها بتراجع مبيعاتها التي بلغت في البداية نحو 75 ألف نسخة اسبوعيا. لكن فرزات يعزو السبب الرئيسي لنيله الجائزة الى "اطلاقي العمل المحلي الى العالمية والتحدث بلغة عالمية تعتمد على البصرية والمبادرة في طرح قضايا جريئة انطلاقاً من ثوابت الانسان: الديموقراطية والحرية والفقر والحب"، لافتاً إلى ان متابعه يأتي الى الرسم الكاريكاتيري "متسلحا بمفتاح لفك الرمزية التي اتحدث بها، وكأن فوق كل لوحة مفتاحاً يأخذه القارئ للدخول الى عالمها".