} توقع اقتصاديون في البنك الدولي انخفاض المتوسط الدولي لاسعار النفط من 25 دولاراً للبرميل السنة الجارية الى 23 دولاراً السنة المقبلة وحتى الى 20 دولاراً سنة 2004. وحذروا من ان العالم سيُكمل في غضون اسابيع قليلة عاماً ثانياً من الركود القاسي الذي يحتمل ان يستمر سنة ثالثة على التوالي ما لم يتجاوز التوقعات الراهنة بتحقيق نسبة نمو في حدود 2.5 في المئة سنة 2004. وحذروا في تقرير نشره البنك الدولي تحت عنوان "آفاق الاقتصاد العالمي والدول النامية لسنة 2003" من ان الغالبية العظمى من المناطق النامية ستتأثر بانتكاس الافاق الاقتصادية وسيكون نصيبها من النمو العام اقل مما كان متوقعاً حتى قبل 6 شهور. } نيويورك - محمد خالد حذر الاقتصاديون في البنك الدولي من مخاطر الغموض على آفاق النمو للاقتصاد الدولي مؤكدين ان الانتعاش الذي بدأ مطلع السنة الجارية مدعوماً بمؤشرات قوية من ديناميات الدورة الاقتصادية واجراءات تخفيف السياسات النقدية في الولاياتالمتحدة وفي اماكن اخرى من العالم فقد زخمه متأثراً بإحجام الشركات عن الاستثمار في العمليات الانتاجية واستمرار حالة عدم وضوح الرؤيا في اسواق المال الدولية لا سيما الاميركية. وفي محاولة لاستشراف المستقبل انطلاقاً من واقع اقتصادي بالغ الدقة والتعقيد اوضح الاقتصاديون ان الخفوضات المتتابعة التي احدثتها المصارف المركزية في اميركا وعدد من الدول الصناعية الاخرى في اسعار الفائدة منذ بداية العام الماضي ساهمت في حفز النمو في اجزاء كبيرة من الاقتصاد الدولي السنة الجارية لكن هذا الانتعاش استنفد قواه بسبب اعتماده على عوامل هي بطبيعتها ذات آجال قصيرة مثل دورة المخزونات ودورة التكنولوجيا العالية. الركود لسنة ثالثة ولم تدع مخاوف المؤسسة الدولية مجالاً واسعاً للتفاؤل اذ تعرض الاقتصاد الدولي لهزة عنيفة عندما انهارت نسبة نمو ناتجه المحلي الاجمالي السنوية من 3.8 في المئة عام الفين الى 1.1 في المئة العام الماضي. ويخشى الاقتصاديون ان النسبة المتوقعة للسنة الجارية قد لا تزيد على 1.7 في المئة ما يعني ان العالم سيُكمل في غضون اسابيع قليلة عاماً ثانياً من الركود القاسي الذي يحتمل ان يستمر سنة ثالثة على التوالي ما لم يتجاوز التوقعات الراهنة بتحقيق نسبة نمو في حدود 2.5 في المئة سنة 2004. ونجمت متاعب الاقتصاد الدولي عن التدهور الحاد الذي بدأه الاقتصاد الاميركي مع دخول الرئيس جورج بوش الابن البيت الابيض مطلع العام الماضي ولم ينهه، حسبما اكدت تقارير مكتب التحليلات الاقتصادية التابع لوزارة التجارة عن اداء الناتج المحلي في حينه الا بعد تلقيه جرعات ضخمة من الانفاق الحكومي غداة احداث ايلول سبتمبر وان حقق في نهاية العام نمواً لم تزد نسبته على 0.3 في المئة مقارنة بنسبتي 4.1 و3.8 في المئة في العامين الاخيرين للادارة السابقة. وخلافاً لتوقعات الكثيرين، ومن ضمنهم البنك الدولي، استمر الانتعاش الاقتصادي الاميركي وتعزز بقوة في الفصل الاول من السنة الجارية محققاً نسبة نمو استقرت بعد سلسلة من التعديلات الروتينية على 5 في المئة ثم تباطأ قليلاً في الفصل الثاني قبل ان يستعيد عافيته من جديد ويرفع نسبة نموه الى 4 في المئة في الفصل الثالث، بعد واحدة من ثلاث مراجعات اجرتها وزارة الاقتصاد ونشرت نتائجها نهاية الشهر الماضي. ووجد الاقتصاديون في الفصول الثلاثة الاولى مبرراً لرفع توقعاتهم عن نمو الناتج الاميركي السنة الجارية قليلاً الى 2.3 في المئة ما سيعني ان الاقتصاد الاميركي، الذي يشكل نحو ثلث اجمالي الناتج المحلي لدول العالم قاطبة، سيساهم في التحسن المتواضع الذي سيحققه الاقتصاد الدولي في ركوده الراهن معوضاً جانباً من الاداء الهزيل المتوقع ان تقدمه اقتصادات منطقة اليورو التي من المنتظر الا تزيد نسبة نمو نواتجها المحلية على 0.8 في المئة. الغموض في اسواق المال وابدوا خشيتهم من ان الغموض المسيطر على اسواق المال الدولية قد يجهض فرص حدوث الانتعاش المطلوب في الانفاق الاستثماري واكدوا ان جملة التحديات المتمثلة في تدهور اسعار الاسهم وتقلباتها وتراكم الديون بأنواعها المحلية والخارجية والخاصة والعامة وكذلك عمليات اعادة النظر في ربحية الشركات في المدى الطويل تجعل من المؤكد ان النمو الاقتصادي في الفترة المقبلة سيكون اقل من المتوقع. الشرق الاوسط وحذروا في تقرير نشره البنك الدولي امس تحت عنوان "آفاق الاقتصاد العالمي والدول النامية لسنة 2003" من ان الغالبية العظمى من المناطق النامية ستتأثر بانتكاس الافاق الاقتصادية وسيكون نصيبها من النمو العام اقل مما كان متوقعاً حتى قبل 6 شهور. ولفتوا الى ان الاستثناء الوحيد في هذا السيناريو غير المتفائل سيكون منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي استفادت دولها المصدّرة للنفط من تحسن الاسعار السنة الجارية. واوضح الاقتصاديون في التقرير الضخم الذي يقع في 247 صفحة، وحصلت "الحياة" على نسخة منه، ان خفض توقعات "النمو في جميع المناطق النامية تقريباً يعود الى حدوث انتعاش قوي في نمو الاقتصادات الصناعية عبر تحقيق تقدم نشط في مجال الانفاق الاستثماري اصبح اقل احتمالاً ليعكس بذلك استمرار حال الغموض في اسواق المال الدولية وبقاء مؤشر الثقة في اوساط الاعمال دون المستوى المطلوب". اسعار النفط وترتب على التعديلات التي اجراها البنك الدولي في شأن توقعات النمو توقع انخفاض كل من معدلات التضخم واسعار الفائدة وكذلك اسعار السلع الاساسية الى مستويات ادنى مما كانت عليه في الفترة الاخيرة، واستثنى الاقتصاديون اسعار النفط الخام لكنهم توقعوا انخفاض المتوسط الدولي لهذه الاسعار من 25 دولاراً للبرميل السنة الجارية الى 23 دولاراً السنة المقبلة وحتى 20 دولاراً سنة 2004. وفي المحصلة اوضح البنك الدولي ان الدول النامية التي تعتمد الى حد كبير على التصدير الى الاسواق الصناعية تأثرت بحدة بهبوط الاقتصاد الدولي وهوت نسبة نمو اقتصادها من 5.2 في المئة عام الفين الى 2.9 في المئة عام 2001 ولن تهبط ثانية الى 2.8 في المئة السنة الجارية وحسب بل لن تستعيد كل عافيتها قبل منتصف العقد اذ يتوقع ان تقف عند حدود 3.9 في المئة في السنة الجديدة وترتفع الى 4.7 في المئة سنة 2004. الدول العربية وكشفت توقعات الاقتصاديين الدوليين ان حال الدول العربية لم تكن افضل كثيراً من مجموعة الدول النامية من واقع ان نسبة نمو اقتصاداتها انخفضت من 4.2 في المئة سنة الفين الى 32 في المئة سنة 2001 وستنخفض ثانية الى 2.5 في المئة السنة الجارية وذلك قبل ان ترتفع الى 3.5 في المئة السنة المقبلة و3.7 في المئة سنة 2004 ما يعني انها هي الاخرى لن تستعيد ذروة سنة الفين قبل منتصف العقد. لكن اقتصادات الدول المصدرة للنفط التي انخفضت نسبة نموها من 3.6 في المئة عام الفين الى 2.4 في المئة العام الماضي تلقت دعماً من تحسن اسعار النفط سيحول دون حدوث انخفاض ثان السنة الجارية في ما يتوقع الاقتصاديون ان تتعزز هذه النسبة لتصل الى 3.7 في المئة السنة المقبلة قبل ان تتراخى قليلاً الى 3.6 في المئة سنة 2004 متأثرة بالانخفاض المتوقع في المتوسط العالمي لاسعار النفط. واتفقت آراء الاقتصاديين في المؤسسات الدولية والمؤسسات الاستثمارية على ان الاقتصاد الدولي لن يحظى بأكثر من نمو "أنيمي" السنة المقبلة الا ان كبار الاقتصاديين في المنتدى الاقتصادي التابع لمؤسسة "مورغان ستانلي" قدموا توقعات افضل قليلاً من البنك الدولي وان بكثير من التحفظات، اذ يعتقدون ان نسبة نمو تصل الى 3 في المئة قد لا تكون مستحيلة التحقيق وستعني بالتأكيد انتهاء حال الركود وتمهد لنسبة اعلى سنة 2004. ومن شأن تحقق التوقعات الاكثر تفاؤلاً يفيد الدول العربية المصدرة للنفط وكذلك الدول العربية ذات الاقتصادات المنوعة التي دفعت ثمناً غالياً لتداعيات احداث ايلول، لا سيما في عائدات السياحة والسفر، وستنخفض نسبة نموها من 4.3 في المئة عام 2001 الى 2.2 في المئة السنة الجارية ولا يتوقع ان تحقق اداء افضل بكثير السنة المقبلة وان كانت سترتفع الى 3.6 في المئة سنة 2004.