دفع ارتفاع أسعار النفط ومؤشرات ايجابية أخرى البنك الدولي الى اجراء تعديلات ايجابية ملموسة على توقعاته بخصوص امكانات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وأشارت المؤسسة الدولية في أحدث تقرير أصدرته في واشنطن الى أن اجمالي الناتج المحلي سيحقق نمواً بنسبة اثنين في المئة السنة الجارية وبنسبة أكبر قليلاً تصل الى 3.2 في المئة السنة المقبلة وبنسبة 3.5 في المئة سنة 2001. وتعكس التعديلات الجديدة وضعاً صحياً أفضل بكثير مما توقعه البنك الدولي قبل ستة أشهر حين بدت امكانات الخروج من الأزمة المالية الخطيرة التي تفجرت في آسيا عام 1997 غامضة وغير مؤكدة. وكان البنك توقع في آذار مارس الماضي ألا يسجل اقتصاد المنطقة نمواً يذكر السنة الجارية ثم يشهد تحسناً طفيفاً يمكنه من تحقيق نمو بنسبة 2.5 في المئة السنة المقبلة وبنسبة 3.3 في المئة سنة 2001. وأجرى البنك الدولي أيضاً تعديلاً طفيفاً على توقعاته على صعيد فرص النمو المتاحة لمجموعة الدول النامية ليعكس بذلك التطورات الايجابية التي شهدها المناخ الخارجي المحيط بالدول الفقيرة. وبموجب هذا التعديل بات من المرجح أن تحقق مجموعة الدول النامية نمواً بنسبة 2.7 في المئة السنة الجارية و4.2 في المئة السنة المقبلة مقارنة بتقديرات سابقة حددت نسبتي النمو المشار اليهما ب1.5 في المئة و3.7 في المئة على التوالي. وعزت المؤسسة الدولية هذا التحسن الملموس في نظرتها المستقبلية الى عوامل عدة لكنها قالت "ان الارتفاع الحاد الذي سجلته أسعار النفط الخام بعدما قرر المنتجون الرئيسيون خفض الانتاج في نيسان ابريل الماضي كان أحد العوامل المفاجئة التي لم تكن متوقعة قبل ستة أشهر". وتمثلت العوامل الأخرى في: بروز مؤشرات عن بداية انتعاش في شرق آسيا وتسجيل تعديل ايجابي في الوضع المالي لكل من روسيا والبرازيل، ومساهمة خفض معدلات الفائدة في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في تنشيط الاقتصاد العالمي علاوة على محفظة الحوافز المالية التي تبنتها الحكومة اليابانية. وذكر اقتصاديو البنك الدولي في تعليقاتهم على التعديلات الجديدة أن تضييق حصص الانتاج لدول "أوبك" في نيسان الماضي أدى الى ارتفاع الأسعار، لكنهم أوضحوا في الوقت نفسه أن تحديد الانتاج والصادرات بموجب اتفاق خفض الانتاج علاوة على تشديد القيود المالية ساهما في انخفاض نسبة النمو الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط السنة الجارية. وأشار تقرير البنك الدولي بتعديلاته الجديدة الى أن اقتصادات ثلاثة من دول مجلس التعاون الخليجي ذات الدخل المتوسط السعودية والبحرين وعُمان ستنكمش السنة الجارية ثم تحقق نمواً بنسبة 1.7 في المئة السنة المقبلة وبنسبة 2.1 سنة 2001. لكن التقرير لاحظ أن ارتفاع أسعار النفط أنقذ اقتصادات المنتجين الثلاثة من انكماش أشد حدة قدر البنك الدولي في تقريره السابق نسبته السلبية بنحو 2.4 في المئة. وتوقع التقرير تراجع نسبة النمو الاقتصادي في الدول المغاربية من 4.8 في المئة العام الماضي الى 2.6 في المئة السنة الجارية، وعزا ذلك الى الآثار السلبية الناجمة عن النمو البطيء في الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر سوق التصدير الرئيسية للدول المغاربية. لكن التقرير أشار الى أن الاقتصادات المغاربية ستسترد حيويتها وتحقق نمواً بنسبة 4 في المئة أو أكثر في السنتين المقبلتين. وفي حال دول المشرق يتوقع ان تبلغ نسبة النمو في اقتصاداتها 3.2 في المئة السنة الجارية ثم 4.6 في المئة و4.2 في المئة على التوالي بعد سنتين. ولفت البنك الدولي الى بروز اشارات أولية مشجعة على تحسن الطلب على النفط في أسواق الدول الآسيوية النامية بعد التراجع الحاد الذي سجله بسبب الأزمة الآسيوية وأدى الى انخفاض أسعار النفط عام 1998. ومن المتوقع أيضاً تحسن الطلب على النفط في حال تدعمت حركة الانتعاش الاقتصادي في أوروبا واستمرت في اليابان.