كشفت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق إنها "قدمت تنازلات مهمة" في مفاوضات السلام الدائرة مع الحكومة السودانية في بلدة مشاكوس الكينية قبل تسعة أيام من انتهاء الجولة الحالية المخصصة لمناقشة قسمة السلطة والثروة. وقدمت حركة قرنق عرضاً مثيراً للجدل في شأن الخلاف المستمر على الوضع القانوني لعاصمة البلاد واقترحت أن تخصص مدينة الخرطوم وهي واحدة من ثلاث مدن تعتبر عاصمة السودان حاليا، لتصبح عاصمة جديدة "علمانية". ولم توافق الحكومة السودانية حتى يوم أمس على "تنازلات" حركة قرنق، لكن الاقتراحات الجديدة جعلت موقف المتمردين الجنوبيين يقترب كثيرا من موقف وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا إيغاد، ورعاة المفاوضات الغربيين. وقال الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان ل "الحياة" أمس ان الحكومة ترفض جعل العاصمة خارجة عن أحكام الشريعة الاسلامية وترفض اقامة عاصمة جديدة، "ونحن لن نقبل بعاصمة غير علمانية. عرضنا هو حصر العاصمة في مدينة الخرطوم مع استبعاد مدينتي الخرطوم بحري وامدرمان بعدما كنا نطالب بخلو العاصمة المثلثة من احكام الشريعة". وتتألف العاصمة من المدن الثلاث ويطلق السودانيون عليها اسم العاصمة المثلثة. واوضح ان العرض يعني أن مدينة الخرطوم ستكون مقر كل مؤسسات الحكومة المركزية والمسؤولين فيها. وعلمت "الحياة" أن تفاصيل العرض لم تستكمل بعد وأن من الممكن أن يكون المقصود بالعاصمة جزء من مدينة الخرطوم يبدأ من شارع النيل مقر الوزارات وينتهي عند منطقة المطار، ولا يشمل معظم الاحياء السكنية في المدينة. وفي شأن قسمة السلطة أوضح عرمان، الذي تطالب حركته برئاسة دورية بين الرئيس عمر البشير وقرنق طوال فترة الانتقال، أن "وفد الحركة ابدى استعدادا للقبول بصيغة تعطي سلطات مشتركة للرئيس والنائب الاول". وكان الوسطاء اقترحوا ان تؤول الرئاسة الى البشير وأن يصبح قرنق نائبه الاول على أن يكون للاخير حق النقض فيتو على كل القرارات المركزية. لكن المتمردين وضعوا شروطاً منها انه "اذا كانت هناك حاجة الى نواب آخرين فيجب ان يكونوا من قوميات واقاليم مختلفة". يذكر أن قضية النائب الاول تثير حساسيات كثيرة ومعقدة في الخرطوم، كما ان طرح الحركة المسألة بهذه الصورة سيزيد مطالب اقاليم مثل غرب البلاد في الحصول على المنصب ويجعل الدولة تخضع لمعادلة جهوية، وان كانت الحركة لا تعترض على أن يكون هذا النائب من الحزب الحاكم. وفي تطور آخر، دعت مجموعة من الاحزاب والتنظيمات في منطقة جبال النوبة في وسط البلاد الى وضع جبال النوبة تحت رعاية الاممالمتحدة اثناء الفترة الانتقالية، ومدتها ست سنوات، وأن "تدار بصورة منفصلة عن دولتي الشمال والجنوب" خلال تلك الفترة. واكدت تسعة احزاب ومنظمات من منطقة جبال النوبة التي يسري فيها حاليا وقف لاطلاق النار، في رسالة الى الوسطاء في مشاكوس، وحصلت "الحياة" على نسخة منها، ان "ابناء جبال النوبة وحدويون بفطرتهم ويؤمنون بوحدة السودان من دون تقسيم، ويطالبون بأن يكون لهم كيان ذاتي في اطار السودان الواحد. ودعت الى ضرورة مناقشة قضية مستقبل جبال النوبة في اطار مفاوضات مشاكوس الجارية حالياً "على ان تناقش بصورة منفصلة عن قضيتي الشمال والجنوب تحت رعاية لجنة خاصة". وتابعت: "وفي حال التوصل الى حل للمشكلة السودانية بقيام دولتين، فيجب اعطاء مواطني جبال النوبة الحق في اختيار مستقبلهم بحرية تحت اشراف ايغاد والاممالمتحدة". وعدد سكان المنطقة يقدر ب 3 ملايين ومساحتها اكثر من 03 ألف ميل مربع.