يتهم الرئيس صدام حسين الولاياتالمتحدة بالسعي الى فرض هيمنتها على المنطقة. ويقول إنها تخطط لتسيطر بالكامل على مناطق البترول "ابتداء من الجزائر الى دول بحر قزوين بعد ان هيمنت على افغانستان وهي الآن بصدد الإعداد للهيمنة على العراق وإيران وسورية". ورداً على سؤال من صحيفة "الأسبوع" المصرية عن السبب الذي يدعو اميركا الى التهاون مع كوريا الشمالية والتشدد مع العراق قال: "لأن كوريا الشمالية ليس لديها بترول ... ولأن كوريا الشمالية ليست عدواً لإسرائيل ولا هي قريبة منها". ما قاله الرئيس صدام حسين يقوله كثيرون في المنطقة وخارجها. ولا غرابة فيه ولا جديد. والدول الكبرى ليست اصلاً جمعيات خيرية. وسياساتها تبنى على حسابات المصالح الباردة وبغض النظر عن الثمن الذي تدفعه الدول الصغيرة من دمها او سيادتها او استقرارها. وحين يتناول الأمر الولاياتالمتحدة، القوة العظمى الوحيدة، يصبح من البديهي توقع ان تمتلك برنامجاً شاملاً للسيطرة. ولا مفاجأة ايضاً ان تتمنى إسرائيل تدمير بلد مثل العراق واستنزاف موارده وطاقاته. وربما كان كلام صدام حسين عن التمييز داخل محور الشر صحيحاً وإن كان اسلوب التعامل مع وضع كوريا الشمالية لا يختصر بعاملي البترول والعداء لإسرائيل وحدهما. الولاياتالمتحدة ليست بريئة من حلم السيطرة. وبعد هجمات 11 ايلول سبتمبر ترتفع في داخلها اصوات تطالب بأكثر من ضمان مصادر الطاقة. إنها اصوات تطالب بخروج الولاياتالمتحدة في حملة لتغيير العالم وفرض نموذج معين على دوله. وطبيعي ان تسعى اسرائيل الى تعميق الهوة بين اميركا والعرب وتعزيز فرص الصدام. لكن السؤال هو عن مصلحة اي دولة اليوم في صدام عسكري مباشر مع امبراطورية تملك احدث ترسانة في التاريخ. امبراطورية جعلتها هجمات 11 ايلول في حال حرب شاملة مع اي مصدر محتمل للخطر. لا يكفي ان يؤكد صدام حسين ان بلاده تستعد للحرب وكأنها ستقع بعد ساعة وأنها لن تكون "نزهة للجنود الأميركيين والبريطانيين". فقد كان حرياً به ان يسأل نفسه عما فعل لتفادي الوقوع في عين العاصفة وعن العقد الذي اضاعه العراق بعد غزو الكويت. وكان حرياً به ان يسأل نفسه كيف تفادت ايران خطر صدام مباشر مع اميركا وكيف تدير سورية سياستها لتفادي الأفخاخ من دون الرضوخ للإملاءات الأميركية. لا يكفي تشخيص مخططات الأعداء اذ بعد التشخيص لا بد من النجاة منها، خصوصاً ان كل خسارة تلحق بالشعب العراقي تضاعف الجروح في جسد الأمة.