تحتل المرأة المصرية مكانة مهمة داخل بلادها، وما يزيد من أهميتها اقدامها على التحديات بقلب جريء من دون النظر إلى ردود الأفعال. واستطاعت المرأة المصرية الوصول الى أعلى المراكز والمناصب فتقلدت منصب سفيرة ووزيرة وعمدة. واستطاعت أن تثبت جدارتها واستحقاقها لهذه المراكز. وتنفرد المرأة المصرية عن مثيلاتها في الدول العربية الأخرى بانخراطها في العمل في المهن التي تخص الرجال كالجزارة والحلاقة وصناعة الأحذية. واليوم، في شهر رمضان، تعمل المرأة المصرية مسحراتية، ليس بحثًا عن الربح المادي، وانما تطوعًا لنيل قدر أكبر من الثواب. وتبدأ رحلة المسحراتية منذ اليوم الأول في الشهر الكريم عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، سيرًا على الأقدام في الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان لإيقاظهم للسحور، مستخدمة الطبل والأناشيد الدينية لمؤسسي فن الإنشاد الديني الراحلين أمثال الشيخ علي محمود وسيد النقشبندي وطه الفشني ونصر الدين طوبار. وتلقى المسحراتية في القاهرة قبولاً واستحساناً منقطع النظير خصوصاً من النشء الجديد. ويتمتع الكبار من الصائمين بصوت المسحراتية العذب الذي ينشد الموشحات الدينية وأشهرها "بربك يا من جهلت الغرام" و"السعد أقبل بابتسام" و "خلياني ولوعتي وغرامي" و"ادر ذكر من أهوى" و"أشرق فيومك ساطع بسام"، إضافة إلى عشرات القصائد الغزلية المكسوة بالطابع الديني، وقصائد أم كلثوم الدينية مثل "نهج البردة" و"رباعيات الخيام" و"ولد الهدى" و"مسحراتي.. مسحراتي في البلاد سواح"، فتزين بهذه الاناشيد الليالي الرمضانية، وتذكر بالطقوس الرمضانية المعروفة. وتقول المسحراتية علية ابراهيم عليوة 62 عاماً إنها تشعر بالمتعة عنذ ايقاظ المسلمين فجراً، وان عملها كمسحراتية في هذا الشهر يأتي ضمن الأعمال الخيرية التي ورثتها عن والدها الشيخ الذي كان أحد ابرز المسحراتية في حي بولاق القديم، مشيرة إلى أنها تقبل على هذا العمل بحب وإيمان وشعور بالراحة النفسية على رغم عنائه. وتتجول علية مع ابنها البالغ 12 عاماً لمدة ثلاث ساعات من الليل، توقظ الصائمين للسحور، مستخدمة طبلة في حجم اليد وجلدة، وتنشد "إصحى يا نايم.. اصحى.. وحد الدايم.. رمضان كريم". وعلى رغم أن عملها تطوعي، فإنها تعتاش من الصدقات التي تتلقاها من الصائمين . وتتنافس النساء والرجال في هذا المجال، خصوصاً في الاحياء الشعبية مثل ضاحية السيدة زينب والسيدة نفيسة وعزبة خير الله والفسطاط في حي البساتين، وتنتشر أكثر في الريف المصري حيث التقاليد والاصالة. ودخول المرأة المصرية هذه المهنة ليس مستجداً، غير أنه يسجل اسمها على مر العصور في دفاتر رمضان القديمة والحديثة كتاريخ يؤكد أنها تشارك في إحياء طقوس وعادات المجتمع الرمضانية.