علمت "الحياة" أن أعضاء مكتب الإرشاد في جماعة "الإخوان المسلمين" عقدوا اجتماعاً أخيراً اتفقوا فيه على صيغة نقل السلطة في الجماعة في حال وفاة المرشد العام السيد مصطفى مشهور الذي يرقد في حال حرجة في المستشفى بعدما دخل في غيبوبة إثر إصابته الثلثاء الماضي بجلطة في المخ. وأُفيد ان مكتب الإرشاد، وهو أعلى سلطة في الجماعة، وجّه لوماً إلى رموز في التنظيم نشرت صحف تصريحات على لسانهم حول مستقبل الجماعة ومسألة خلافة مشهور فُسرت على أنها تمثل خروجاً عن اسلوب "الإخوان" ومنهجهم في التعاطي مع الأزمات. وقالت مصادر مطلعة أن الأمور تتجه نحو اختيار نائب المرشد المستشار مأمون الهضيبي ليحل محل مشهور في حال وفاة الأخير، مشيرة إلى أن أعضاء المكتب اعتمدوا قراراً بأن يتولى الهضيبي مهمات المرشد كلها طوال فترة مرضه. واستبعدت المصادر تدخل رموز من "الإخوان" من غير المصريين في أمر اختيار المرشد، موضحة أن لائحة "الإخوان" تنص على ضرورة أن يشغل ذلك المنصب شخص مصري، كما أن إخوان الخارج يطبقون دائماً قاعدة أن إخوان مصر أدرى بظروف الجماعة. وأوضحت أن التغييرات في المرحلة المقبلة بعد تنصيب الهضيبي مرشداً ستشمل ترقية السيد أحمد حسنين ليشغل موقع النائب الأول للمرشد وهو حالياً النائب الثاني بعد الهضيبي. ورجحت أن يتم اختيار عضو مكتب الإرشاد السيد مهدي عاكف نائباً ثانياً. وكشفت المصادر أن الجماعة قررت أن يتم حفل الإفطار الرمضاني السنوي في موعده يوم 12 رمضان المقبل في فندق شيراتون هليوبوليس على أن يلقي الهضيبي كلمة المرشد. واللافت أن "الإخوان" كانوا مددوا لمشهور فترة "ولاية" ثانية في شباط فبراير الماضي بعدما انتهت الفترة الأولى التي استمرت ست سنوات. ويعلم المتابعون لملف الحركات الإسلامية المصرية أن مشهور كان الرجل القوي في "الإخوان" طوال نحو 30 عاماً، وتحديداً منذ خروجهم من المعتقلات عقب وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وعلى رغم أنه لم يكن يتحدث كثيراً، إلا أن قبضته كانت صارمة وتتجمع عنده دائما كل الخيوط. وهو انتصر في أول معاركه الداخلية حين نشأت أزمة داخل "الجماعة" إثر وفاة المرشد الثاني لها حسن الهضيبي في آب اغسطس 1973 وتصدى ومعه أفراد "الحرس القديم" لرغبة بعضهم في انتخاب مرشد بعينه. وظل "الإخوان" طوال ثلاث سنوات يقودهم "مرشد سري" حتى تم انتخاب عمر التلمساني للموقع العام 1976. لكن في الظل بقي مشهور مسيطراً على الأوضاع وترك للتلمساني استغلال شخصيته الهادئة والجاذبة في تحقيق القبول لدى السادات حتى توفي التلمساني العام 1986 فاختار مشهور ورجاله محمد حامد ابو النصر ليتولى المنصب على رغم أنه لم يكن اقدم اعضاء مكتب الإرشاد. ولأن حامد لم يكن فاعلاً مع الازمات والمواقف العصيبة في الجماعة، امتلك مشهور ونائبه الهضيبي زمام الأمور ودخل الاثنان في بداية العام 1996 في صدام مع عدد من رموز جيل السبعينات اعترضوا على الطريقة التي تدار بها الجماعة وقرروا تأسيس حزب سياسي تحت لافتة "الوسط" من دون الحصول على إذن من قادة الجماعة. وتحول الأمر الى صراع بين الطرفين وانتهى باستقالة بعضهم وإقالة بعضهم الآخر. غير أن الأزمة ظلت تلقي بظلالها على الجماعة لفترة، وحين تولى مشهور مهمات المرشد بعد وفاة أبو النصر اعترض بعض الإخوان على الطريقة التي نُصّب فيها حيث أعلن الهضيبي في منطقة المقابر أثناء دفن أبو النصر أن الأخير أوصى قبل وفاته بتنصيب مشهور. لكن الضربات الإجهاضية والأزمة الداخلية وحال التقوقع التي عاشتها الجماعة ساهمت كلها في امتصاص ردود الفعل تجاه عملية تنصيب المرشد. واعتقد بعضهم أن الجماعة في طريقها إلى الزوال، لكن مشهور ظل دائماً يحرك الاحداث من دون كثير من الضجيج أو الصياح، فاستمرت الجماعة التي يبدو أنها على موعد مع فاصل جديد من تاريخها.