يتخوف العاملون في صناعة السياحة والسفر من التأثير الذي يمكن أن يتركه تواصل أعمال العنف ضد أهداف سياحية دولية، على حركة السفر إلى البلدان العربية والاسلامية. ودانت "منظمة السياحة الدولية" الهجمات، بما في ذلك الهجوم الذي وقع أمس في كينيا، إلا أنها حاولت في الوقت نفسه التقليل من أهميته. قال روك كلانشنييك، رئيس العلاقات العامة في "منظمة السياحة الدولية" إن ثمة مؤشرات تظهر أن "الهجوم كان موجهاً ضد اسرائيل، وليس الغربيين عموماً، كما سبق أن حدث في جزيرة بالي، أو ضد صناعة السياحة بحد ذاتها"، معتبراً أن "هذا لا يمنع المنظمة من إدانة ما حصل". وتوقع أن يترك "الهجوم تأثيرات سالبة في نمو صناعة السياحة، في وقت سيتردد منظمو الرحلات الجماعية عن إرسال مجموعاتهم السياحية إلى كينيا وإفريقيا". ورأى أن الأمر "يستدعي من صناعة السياحة المبادرة لمنع وقوع هذه الهجمات مجدداً في المستقبل". وكان أمس شهد هجومين استهدف أولهما طائرة "بوينغ 757" تقل 261 سائحاً إسرائيلياً في طريق عودتهم من كينيا الى إسرائيل، والثاني فندقاً يشارك اسرائيليون في ملكيته في العاصمة الكينية انفجرت سيارة ملغومة أمامه وقتلت وجرحت أكثر من 30 شخصاً. وينتظر أن تتأثر رحلات شركات طيران عربية عدة، منها "الطيران العماني" و"طيران الامارات"، الى كينيا، ناقلة سياحاً قادمين من أوروبا وبلدان غربية عدة. وعلى رغم أن حركة النقل الجوي ستتأثر ومعها عوائد بعض الناقلات الجوية العربية، إلا أن التأثير الأكبر قد يكون على صعيد الصورة التي تحظى بها الوجهات السياحية الاسلامية والعربية في أذهان السياح الغربيين. وكان هجوم دموي أوقع في 12 الشهر الماضي 180 قتيلاً في جزيرة بالي الأندونيسية، غالبيتهم من السياح الغربيين، تبعه انخفاض في معدلات الإشغال في فنادق الجزيرة التي تدر 40 في المئة من عوائد السياحة في أندونيسيا البالغة 4.5 بليون دولار سنوياً. ولم تنفع الجهود التي بذلتها سلطات الأمن الأندونيسية في إزالة المخاوف المتصاعدة للسياح الغربيين، في وقت اعتمدت دول غربية عدة قرارات متنوعة لتقييد حركة تنقل رعاياها في الدول الاسلامية أو ذات الغالبية الاسلامية. وبعدما حذرت بريطانيا رعاياها من زيارة اليمن، وكذلك دعت الولاياتالمتحدة رعاياها مراراً الى توخي الحذر في البلدان العربية والاسلامية، لجأت استراليا وكندا أمس إلى إغلاق سفارتيهما في الفيليبين خوفاً من هجمات تشنها جماعات إسلامية يُعتقد أنها تؤيد تنظيم "القاعدة". ويُتوقع أن تشهد كينيا ودول أفريقية أخرى تحذيرات حكومية غربية وإلغاءات جماعية بسبب المخاوف من اتساع رقعات الهجمات ضد السياح المنتمين إلى بلدان غربية أو مؤيدة للغرب. وقال رئيس مجلس وزراء السياحة العرب وزير السياحة الأردني طالب الرفاعي ل"الحياة" إن صناعة السياحة في العالم العربي قد تتأثر، إلا أنها باتت تملك قدرة على المقاومة والنمو على رغم الأزمات، مشيراً إلى أن السائح الغربي بات أكثر قدرة على التكيف مع تغير الأوضاع السياسية والأمنية في العالم، لتزايد وعيه بحقيقة المخاطر وكيفية التعامل معها. أما سامي زغبي، العضو المنتدب لمجموعة فنادق "لوميريديان" في افريقيا والشرق الأوسط وغرب آسيا، فقال ل"الحياة" إن أي تغير في صورة الوجهات السياحية العربية والاسلامية في الغرب سيؤدي بدوره الى تقليص حركة سفر السياح العرب الى الغرب. وأضاف: "السنة الجارية امتنع أشخاص عرب كثيرون عن السفر في رحلات بعيدة المدى وفضلوا البقاء في العالم العربي والتوجه إلى وجهات مثل لبنان والبحرين ودبي ومصر، ما سمح بتحقيق نسب إشغال مذهلة تجاوزت في تموز يوليو وآب أغسطس 90 في المئة، على سبيل المثال، في دبي". واعتبر أن أي تغير في اتجاه تراجع حركة السياحة الدولية الوافدة ستتبعه زيادة مؤكدة في نسبة الاشغال في المؤسسات الفندقية العربية. وبرر ذلك بأن "أي رد فعل على عمليات من قبيل ما حدث في بالي وكينيا سيتمثل في حملات مناهضة في أوساط الرأي الغربي، والأميركي خصوصاً، للاسلام والمسلمين والعرب. وهذا يعني أن أي سيدة ترتدي ثياباً إسلامية ستتعرض لمضايقات، من دون الحديث عن المضايقات الكثيرة للمسافرين العرب. وسيحمل هذا الأمر المسافرين العرب حتماً على تفضيل التوجه الى وجهات عربية".