حصلت "الحياة" على معلومات مفصلة عن الخلاف بين طرفي الحرب السودانية في شأن توزيع نسب المشاركة في الحكومة والبرلمان بعد توقيع اتفاق السلام وانعكاسات ذلك على خريطة التحالفات السياسية القائمة. وتركز هذا الخلاف في الحصول على نسب تحدد الغالبية في مجلس الوزراء والبرلمان. وركز الحديث اثناء مفاوضات مشاكوس الثانية على قسمة السلطة بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق، لكن سعي الطرفين الى ايجاد موطئ قدم لحلفائه جرّ الى اقتراح نسب معقدة. واظهرت الايام الماضية تحركات ومشاورات لدرس سبل "استيعاب" حلفاء الرئيس عمر البشير الجنوبيين داخل حكومة قرنق المقبلة في الجنوب، وحلفاء قرنق الشماليين في الحكومة المركزية. وزاد من تعقيد المسألة فشل الطرفين في الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة، اذ اقترح وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا إيغاد وشركاؤهم الغربيون اجراء الانتخابات عند منتصف الفترة الانتقالية، ومدتها ست سنوات. وطلبت الحكومة اجراء الانتخابات خلال السنة الاولى، لكن حركة قرنق رفضت ذلك محتجة بأنه يجب ادخال تعديلات على اجهزة الدولة التي تتمتع الحكومة بسيطرة كاملة عليها. وتشير الحركة الى قضايا أخرى تتطلب وقتاً مثل اعادة توطين النازحين واللاجئين واقامة تنظيمها السياسي. وتم التوصل الى تسوية تقضي باجراء الانتخابات في وقت ما اثناء الفترة الانتقالية يحدده طرفا الاتفاق. وفي شأن التوزير وعضوية البرلمان الانتقالي، اقترحت الخرطوم النظر الى توزيع المناصب على اساس جنوب وشمال وليس فقط بين طرفي الاتفاق، وأن تخصص للجنوب 26 في المئة من المقاعد الوزارية والبرلمانية على ان تكون للجنوبيين غير الاعضاء في حركة قرنق نسبة 7 في المئة وتخصص للحركة 19 في المئة. وعرضت ان تكون للشمال 74 في المئة من المقاعد يخصص منها للحزب الحاكم 58 في المئة، وتترك 16 في المئة لبقية الاحزاب الشمالية. غير ان "الحركة الشعبية" قدمت اقتراحا مختلفاً يخصص لها 40 في المئة من المقاعد على أن تفرغ ربعها للاحزاب الجنوبية الاخرى، وان تنال الحكومة 60 في المئة تخصص ربعها للاحزاب الشمالية. واقترح الوسطاء تخصيص ثلث مقاعد الوزارة والبرلمان للجنوب على أن يكون نصيب الحركة 27 في المئة والاحزاب الجنوبية 7 في المئة. ولم ينمُ الى علم "الحياة" ما اذا كانوا اقترحوا شيئا لاحزاب المعارضة الشمالية. ويلاحظ أن كل هذه النسب تدور حول الغالبية، فبينما يعطي اقتراح الحكومة البشير غالبية 58 في المئة تزيد ولا تنقص وفقا للتحالفات المحتملة، فإن النسب التي تقترحها الحركة تعطيه غالبية ضئيلة وتفتح الباب امام تعديل في الخريطة لمصلحة قرنق من خلال تغييرات قد تحدث في التحالفات السياسية. وفي تطور آخر، علمت "الحياة" أن الجولة الثالثة من مفاوضات السلام سترجأ الى ما بعد الخامس من شباط فبراير المقبل، بعدما كانت مقررة في 13 كانون الثاني يناير، بهدف افساح المجال لمناقشة قضية مناطق جبال النوبة وتلال الانغسنا وابيي التي يصر قرنق على مناقشتها داخل إيغاد وترفض الحكومة ذلك. لكن الوسطاء اقنعوا الطرفين بعقد جولة خاصة لمناقشة قضية المناطق التي يسميها قرنق "المناطق المهمشة" خارج مظلة ايغاد ولكن تحت رعاية كينيا رئيسة "إيغاد". وتعقد هذه الجولة الخاصة في نيروبي وتبدأ في 13 كانون الاول وتنتهي في الخامس من شباط فبراير المقبل.