قبل ساعات من الإعلان رسميًا لتوليه منصب المرشد العام ل"الإخوان المسلمين" ناشد المستشار مأمون الهضيبي الحكومة المصرية فتح صفحة جديدة مع الجماعة التي نفى أن تكون تسعى إلى الصدام مع الدولة. وأبدى، في حديث الى "الحياة"، الاستعداد للحوار مع أي جهة بما فيها الحكومة، معربا عن أمله في منح "الإخوان" غطاءً شرعيًا لمزاولة نشاط سياسي. ووصف التنظيم الدولي ل"الإخوان" بأنه "رمز للوحدة العربية والإسلامية"، واعتبر أن امتداد نشاطهم إلى دول أوروبية واميركية جنوبية "دليل على أن دعوة الإخوان حققت نجاحات كبيرة رغم الضربات التي تعرضت لها ومحاولات إجهاضها عبر سنوات طويلة". من المتوقع أن تعلن جماعة "الإخوان المسلمين"، في الساعات المقبلة انتخاب المستشار مأمون الهضيبي مرشدًا عامًا لها، خلفًا للسيد مصطفى مشهور الذي توفي الاسبوع الماضي. وسينتهي مكتب الإرشاد من اعتماد الإجراءات التي اتبعت لتنصيب الهضيبي الذي آثر في حديث إلى "الحياة" عدم الدخول في تفاصيل مسألة المرشد المقبل، لكنه أكد أن الأمر سيحسم قريبا جدا. وسخر الهضيبي من تحليلات ذهبت إلى أن عدم الإعلان سريعًا لاسم المرشد المقبل يعود إلى خلافات وصراعات بين قادة الجماعة حول المنصب، وأشار إلى أن أصحاب تلك التحليلات "هم أنفسهم الذين انتقدوا الجماعة وفسروا مبايعة مشهور عند المقابر بعد دفن جثمان المرشد الابق محمد حامد أبو النصر على أن الجماعة خالفت قواعدها ولائحتها الداخلية بمبايعة علنية، وليس عن طريق انتخاب، وهم لم يكونوا يعلمون أن المبايعة تمت بعدما انتهت إجراءات انتخاب مشهور". ونفى الهضيبي في شدة وجود أي خلافات بين قادة "الإخوان" على منصب المرشد أو أي موقع تنظيمي آخر. وعن الأنباء التي ترددت عن أن مسألة اختيار نواب للمرشد يدور الصراع حولها. وتساءل: "ومَنْ قال إن اسم المرشد المقبل سيعلن ومعه نوابه؟". وأضاف: "نحن لدينا قواعد ولوائح نسير عليها ونحرص على اتباعها بغض النظر عن محاولات بعضهم هدم الجماعة"، وبعدما أشاد بمشهور وتاريخه الطويل في العمل من أجل دعوة "الإخوان"، رأى أن الجماعة "لا تتأثر بغياب مرشد ومجيء آخر لكونها جماعة مؤسسية". وعن أسباب عدم اجتماع مجلس شورى الجماعة منذ العام 1995، على رغم أنها الجهة التي يتعين عليها انتخاب المرشد والبحث في الأمور المهمة المتعلقة بالتنظيم، لفت الهضيبي إلى أن "الاجتماع الأخير للمجلس روقب بواسطة أجهزة الأمن وأن أكثر من 83 من رموز الجماعة اعتقلوا في ذلك العام لمجرد أنهم حضروا الاجتماع واحيلوا على محكمة عسكرية وصدر أحكام بالسجن لمدد تراوح بين 3 و5 سنوات في حق غالبيتهم"، وتساءل: "هل نكرر التجربة ونضحي بالباقين ونقدمهم إلى السلطات على طبق من ذهب؟". إلا أنه أشار إلى أن الجماعة لديها لائحة تنظم العمل فيها وتحدد البدائل، ومعتبرا أن "الإخوان" بذلوا جهدًا كبيرًا لتغيير الصورة التي تحاول انظمة الحكم إلصاقها بهم والإيحاء بأنهم على صلة بالعنف والإرهاب. وقال: "منذ أيام الشهيد حسن البنا والإخوان بعيدون عن العنف وحتى في حوادث اغتيال النقراشي والخازندار فإن البنا استنكرها ووصف من قاموا بها بأنهم ليسوا إخوانًا ولا مسلمين، وما حدث في الستينات كان تلفيقات من عبد الناصر ورجاله ضد الإخوان". وشدد على أنه طوال سنوات العنف الاصولي في مصر في عقد التسعينات "لم يثبت أن شخصًا واحدًا من الإخوان شارك في أي عمل إرهابي". وقال أن الجماعة "من الأساس خلصت إلى أن العنف والإرهاب محرمان شرعًا". وناشد الحكومة فتح صفحة جديدة مع "الإخوان"، وقال: "نحن لا نعمل ضد نظام الحكم ونهتم بتربية أبنائنا تربية إسلامية سليمة. ولا نطلب أكثر من حقنا الذي حدده القانون والدستور". وشن الهضيبي هجومًا حادًا على أميركا واعتبر أن الحملة على "الإرهاب" تحولت حملة على الإسلام، وأشار إلى أن المخططات الأميركية في المنطقة كانت معدة قبل هجمات أيلول سبتمبر. ورفض الحديث عن اسامة بن لادن، وقال: "لا أعرفه شخصيًا وبالتالي لا يمكن أن اتحدث عنه"، لكنه أضاف "بالنسبة الى اعمال العنف نحن لا نؤمن بها ونستنكرها ولا نوافق عليها. ونرى أن خطف طائرة أو الاعتداء على مدنيين يسيء إلى الإسلام"، وأشاد بالمقاومة الإسلامية في فلسطين وأكد شرعية العمليات الاستشهادية. ونفى وجود تناقضات بين الجماعة "الأم" في مصر والتنظيم الدولي ل"الإخوان". واعتبر أن فكرة التنظيم "عبارة عن رمز للوحدة العربية والإسلامية التي يطلق عليها اسم الخلافة"، واعتبر أن النجاحات التي حققها الإسلاميون عمومًا و"الإخوان" خصوصًا في دول أخرى غير مصر ووصولهم إلى الحكم "دليل على أن الدعوة مستمرة وتسير في طريقها الصحيح رغم الملاحقات الأمنية والحملات الأميركية".