لا يخلو طريق او شارع في لبنان من لوحة اعلانية تروّج لخدمة مصرفية، تتوجه الى الشباب بأسلوب "الكاف المنصوبة". ويتعمم هذا التسويق اعلامياً عبر الوسائل المرئية والمكتوبة والمسموعة، وفي المرافق العامة. وتسعى المصارف من خلال هذه الحملات الى النفاذ الى اكبر عدد من اللبنانيين الشباب الذين يؤسسون حياتهم. وهذه الخدمات، على ما توفره من تسهيلات آنية ومستقبلية، تعد الشباب بتلبية متطلباتهم التي يعجزون عن تأمينها بمداخيلهم الذاتية التي تراجعت قدراتها الشرائية في ظل الازمة الاقتصادية والاجتماعية. وأسهمت المنافسة الناتجة من سباق المصارف الى استقطاب الحصة الاكبر من السوق في تطور هذه الخدمات المعروفة في العلم المصرفي ب"صيرفة التجزئة" وتوسعها لتشمل كل الجوانب الحياتية. وباتت المصارف في التسهيلات التي تقدمها، تنافس اهم المصارف او المؤسسات الاجنبية العاملة في لبنان. ولم تقتصر الاستفادة من هذه الخدمات على الشباب بل انسحبت ايضاً على الاسواق العقارية والتجارية، لتحد من الركود الذي طبعها لفترات متفاوتة، وعلى المصارف التي حققت مداخيل إضافية، فضلاً عن تكبير سوق التأمين باستحداث شركات شقيقة لهذه المصارف. تعددت عناوين البرامج التسليفية، والهدف واحد: تأمين الفرص للشباب اللبناني لتملّك منزل واقتناء سيارة ومتابعة الدراسة الجامعية والزواج والادخار لمستقبل الاولاد والتقاعد وضمان الشيخوخة. ولتسهيل الحياة اليومية افسح القطاع المصرفي ايضاً امام الشباب امكان تأمين الضرورات الحياتية القريبة من الكماليات، بتوفير بطاقات الاعتماد. وأثبتت إحصاءات ثلاثة مصارف هي "بيبلوس" و"الاعتماد اللبناني" و"فرنسبنك" ان "60 في المئة من القروض الموظفة في السوق اللبنانية هي من حصة الشباب". وشاركت الدولة اللبنانية القطاع المصرفي في توسيع مروحة التوظيفات التي بادرت المصارف الخاصة الى فتح أبوابها لها مستخدمة أموال الودائع أو قروضاً منحتها مؤسسات دولية للقطاع المصرفي. وخصصت القروض هذه لتمويل هذه المنتوجات ولتشجيع تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم أو لزيادة طاقة المشاريع القائمة الانتاجية. فاعتمدت الدولة سياسة دعم الفوائد على هذا النوع من القروض من خلال مؤسسة "كفالات" وبمقدار سبع نقاط من أساس نسبة الفائدة على الاقتراض بالليرة اللبنانية، لتبلغ فقط 37،1 في المئة. كذلك طورت الدولة المؤسسة العامة للاسكان، ووفرت لها التمويل من خلال المصارف لعجزها عن تأمينه، ووضعت لها شروطاً معقولة لجهة الفوائد وآجال التقسيط، وحصرت الاستفادة من برنامجها بذوي الدخل المحدود والمتوسط. قال المسؤول عن مديرية السلع المصرفية في "بيبلوس" رجا نعسان ان "غالبية القروض السكنية حصل عليها الشباب، فيما بلغت نسبة الشباب المستفيدين من القروض الشخصية للزواج ولشراء اثاث 40 في المئة في كل قطاع، وبلغت قيمة القروض هذه 58 مليون دولار، وبلغ اجمالي القروض لشراء سيارة 22 مليون دولار، فضلاً عن قروض المهنيين و أصحاب الاعمال الصغيرة". وتحدث نعسان عن المنتوجات الجديدة التي اطلقها المصرف في اطار التأمين المصرفي، لتأمين المدخول بدولارين شهرياً لقاء عائد شهري يصل الى 3000 دولار لمدة سنة او سنتين للعائلة. ولحظت الاحصاءات لدى مصرف "الاعتماد اللبناني" ان 60 في المئة من القروض للشباب تشمل المسكن والسيارة وغيرها من المتطلبات فضلاً عن التسهيلات لاقتناء جهاز كومبيوتر. واطلق المصرف حديثاً "القرض المدرسي" الذي يرتكز على مساعدة اولياء الطلاب على دفع الاقساط المدرسية من دون فائدة. واسهم في مشروع الحاضنة الاكترونية التي تؤمن التطوير العلمي للمخترع اللبناني في حقل المعلوماتية والاتصالات.