بدعوة من مجلة "الإيكونوميست" كتب مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، ومدير مركز هارفارد للتنمية الدولية سابقاً السيد جيفري ساش مقالاً في غاية الأهمية طالب فيه الإدارة الأميركية بتعبئة "أسلحة الخلاص الشامل" بالإضافة إلى محاربة "أسلحة الدمار الشامل"، مذكراً الرئيس بوش بكلمته التي ألقاها أخيراً في الأممالمتحدة وأعلن فيها: "أن التزام واشنطن بالكرامة الإنسانية يواجه تحدي الفقر المتواصل والمرض الهائج". يرى السيد جيفري أن أحد الأسباب وراء خسارة إدارة بوش كسب قلوب العالم وعقوله يكمن في أنها "تشن حرباً ضد الإرهاب بينما تغض طرفها عن الملايين من البشر الذين يموتون بسبب الجوع والمرض"، وفي الوقت الذي تستعد لإنفاق مئة بليون دولار للحرب على العراق "تنفق 2 من عشرة في المئة فقط من هذا المبلغ لصندوق مكافحة الإيدز العالمي"، فضلاً عن أنها تأتي في مؤخر الدول المانحة الاثنتين والعشرين إذ لا تزيد مشاركتها عن "1 من عشرة في المئة من إجمالي الناتج القومي للمساعدات الأجنبية" وهو وضع مرشح للاستمرار على رغم الإعلان عن زيادة مساعداتها الأجنبية. يقول السيد ساش أن "إسهام أميركا في الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز هو حوالي سدس ما هو مطلوب في عام 2003" مشيراً إلى أن "توفير 25 بليون دولار سنوياً يمكن أن يحول دون وفاة 8 ملايين شخص كل عام" ولهذا فإن "تكلفة الحرب المتوقعة على العراق التي تقدر بحوالي 100 بليون دولار تكفي لإنقاذ حوالي 30 مليون إنسان من المرض". الخطورة التي يحذر منها السيد جيفري ساش أن السياسيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية "تم توجيههم في شكل ساحق نحو القضايا العسكرية والدبلوماسية وليس نحو قضايا التنمية"، فضلاً عن إهمال تطوير "الترسانة التي توفر الأدوية، والمساعدات الصحية والأغذية والتقنيات الزراعية التي يمكنها الحيلولة دون موت ملايين البشر والمضادات التي تنقذ الحياة"، ولذلك فإن مطالبة الرئيس بوش للأمم المتحدة بأن تكون "فاعلة ومحترمة" يبدو متناقضاً وغير مستساغ في ظل هذا التمادي في خلق ظروف دولية تجعل من الصعب على الهيئة الدولية تحقيق أهدافها.