واشنطن - أ ف ب - يسمح اعتماد مجلس الامن القرار الخاص بالعراق، بعودة مميزة لوزير الخارجية الاميركي كولن باول الى الواجهة السياسية، تفوح منها رائحة انتقام هادئ بعدما قيل ان "الصقور" في ادارة الرئيس جورج بوش همشوه. ووقف باول الجمعة الى جانب الرئيس جورج بوش عندما القى كلمته اثر اعتماد المجلس بالاجماع القرار بينما تغيب نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وكان لوزير الخارجية ايضا النصيب الاكبر من اشادات بوش الذي شكره على "حسه القيادي وعمله الجيد وتصميمه في الشهرين الاخيرين"، مؤكداً انه وفريقه لن يتوقفا عن العمل. وقال ان "الصعوبات تبدأ الآن" للتوصل الى ازالة فعلية للاسلحة العراقية مذكرا بان الخيار العسكري ليس مستبعدا في حال فشل الوسائل السياسية. وقال الخبير في السياسة الدولية في معهد بروكينغز في واشنطن ايفو دالدر ان "هذا النجاح يغير الى حد ما توازن القوى داخل الادارة" الاميركية. واضاف ان الرئيس "اختار على ما يبدو الاخذ بنصائح وزير الخارجية واللجوء الى الطرق المتعددة الاطراف والأمم المتحدة" وان كان الخيار العسكري ما زال مطروحا. وبذلك يعود الجنرال السابق 65 عاماً الى الواجهة بعد فترة تهميش. فمنذ بداية عهد بوش اصطدمت وجهة نظره العملية والداعية الى تدويل المسائل، بطروحات "صقور" الادارة الذين يمثلهم الثنائي رامسفيلد - تشيني المتمسك جدا "بالتفرد في القرارات". لم ينجح باول في فرض نفسه في الملف الاسرائيلي الفلسطيني. وكان شبه غائب عن قرار الرئيس رفض بروتوكول كيوتو حول ارتفاع حرارة الارض. كما ان بوش فاجأه باعلانه العراق وايران وكوريا الشمالية دولا تشكل "محور الشر". وفي الصيف، تحدثت الصحف عن احتمال استقالته قبل ان يطلق تشيني في بداية ايلول سبتمبر سلسلة من الخطابات القاسية ضد صدام حسين، فلزم باول الصمت. وخلال جولة وزير الخارجية الى افريقيا في ايلول تعرض لغضب متظاهرين في قمة الارض ثم زار محمية طبيعية في الغابون. وأسر في الطائرة الى احد صحافيين بوجود "خلافات" داخل الادارة. وذهب العسكري السابق الى حد القول ان حربا طاحنة تدور داخل الحكومة حول العراق. لكنه المح الى ان بوش سيتحدث في الاممالمتحدة في 12 ايلول. واعاره الرئيس اذنا صاغية. فبدا عندها باول هجومه المضاد. وخلال شهرين من المفاوضات، زار باول مرتين مقر الاممالمتحدة في نيويورك واجرى عشرات الاتصالات الهاتفية مع نظرائه. ولم تكن المهمة اسهل مع البيت الابيض، لكنه نجح في اقناع بوش بالتخفيف من حدة استراتيجيته حول "تغيير النظام" في العراق الذي يثير قلق العواصم الاجنبية. ومنحت بغداد بذلك "فرصة اخيرة".