ضمن سلسلة آفاق عالمية والتي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة صدرت مختارات من روائع المسرح العالمي في كتاب يضم المسرحيات: "الأقوى" تأليف أوغست سترندبرغ، "أغنية الوداع" تأليف انطون تشيخوف، "اسكوريال" تأليف ميشيل دي غيلدرود، "رجل الاقدار" تأليف جورج برنارد شو. والاختيار والترجمة والتقديم من نعيم عطية الذي اعتمد لغة عربية مبينة استطاعت ان تحافظ على قوة الافكار وتلقائية الحوار والبناء الدرامي وهو الذي يؤكد قيمتها كنصوص مسرحية خالدة في تاريخ ذلك الفن الجميل. وتعتبر مسرحية "الأقوى" من أبدع المسرحيات ذات الشخصية الواحدة وفيها أمكن شخصية وحيدة ان تحقق بحديث سريع أثراً درامياً نفاذاً. واذ خلت المسرحية من سمات مسرح سترندبرغ التعبيري فإن هذه المسرحية الصغيرة لا تخلو من خصائص مسرحه الطبيعي الذي تجلى في مسرحياته الأخرى: "الأب"، "الآنسة جولي"، "عيد الفصح". أما تشيخوف فكتب "أغنية الوداع" ما بين عامي 1887 و1888 وتمثل لحظة في شيخوخة ممثل اضنته الوحدة والنسيان، فانطلق بذاكرته الى ماضي حياته مستعيداً اماني الشباب وتصفيق الجماهير، وصدمة الحب، وجحود المجتمع، وتعد المسرحية محاولة رائعة لتشيخوف في البحث عن نوع من الدراما تفقد فيها العناصر التراجيدية والعناصر الكوميدية ذاتياتها المفرزة للوصول الى وحدة جديدة يلتحم فيها هذان الصنفان من العناصر. وتمسك الكاتب البلجيكي ميشيل دي غيلدرود بحرية كاتب المسرح المطلقة واستقى إلهاماته حيثما وجدها ولم يكن يتقيد بمطالب الإخراج المسرحي. ويعرض في مسرحه عالماً مبرقشاً صاخباً لا يهدأ له قرار عبر لوحة شاسعة من الحانات والمواخير الدنسة والملاجئ والأديرة والقصور التي غابت عنها شمس الحب والطهارة. ويطل من خلال تلك اللوحة "اسكوريال" نفور مصورها من السفسطات الكلامية وايمانه بأن العالم غير المنظور عالم موجود لكنه لا يمكن أن ينجلي على الاقل على خشبة المسرح الا من خلال العالم المرئي. وتنتمي مسرحية شو الى طائفة من المسرحيات يتصدى فيها لشخصية تاريخية. ورأى فيها ما لم يره غيره فقدمها مبرزاً ذلك الجانب الذي أطل منه عليه فهو في "رجل الأقدار" يفعل بنابليون ما فعله بقيصر وكليوباترا في مسرحيته التي تحمل هذا الاسم والتي تعتبر في طليعة اعماله الكبيرة ولكنه لا يتخلى عن سخريته، فيقول ان من سوء حظ انكلترا ان نابليون لم يغزها والا كان اصلح كثيراً من مساوئها.