تجمع الآراء السياسية على ان اقتراح مشروع قانون للانتخابات يجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة صرف النظر عنه، وتقرر سحبه من التداول، لكنها تتباين في تحديد مصيره، فبعضها يرى انه جمد بانتظار ظروف تسمح بتسويقه وبعضها يعتقد انه دفن الى الأبد. وقال قطب نيابي ل"الحياة": "إن رئىس الجمهورية اميل لحود هو في مقدم محبذي فكرة الدائرة الواحدة وراهن على دعم رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري اللذين لم يصرحا بموقف معارض وحرصا على عدم الصدام مع صاحب الفكرة". واعتبر القطب "ان طرح الفكرة كان جدياً الى أقصى الحدود، وان من شجع عليها ظن ان الظروف الاقليمية المستجدة التي ستطغى على المنطقة جراء الحرب الاميركية ضد العراق يمكن ان تجيز له تمرير الدائرة الواحدة بأقل الاثمان". وأكد القطب النيابي "ان لا علاقة لدمشق بفكرة الدائرة الواحدة، وان شخصيات اساسية في المعادلة السياسية كانت ناقشت الامر مع كبار المسؤولين السوريين الذين حرصوا على الاستماع الى وجهات نظرهم المعارضة للفكرة وكان ردهم انه يعود للبنانيين القرار النهائي باعتبارهم ادرى من غيرهم بالمسألة وان ما يهمهم هو ألاّ تطغى اي قضية ذات بعد خلافي واشكالي على الهموم الاقليمية التي تستدعي اقصى درجات التماسك والاستعداد". وأكد القطب، بحسب ما سمعه من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط العائد من دمشق بعد اجتماعه بالرئيس السوري الدكتور بشار الاسد، ان القيادة السورية ترفض ان يزج بها مجدداً في التفاصيل الداخلية، وبالتالي فهي تنصح بسحب الملفات الخلافية من التداول. وقال احد نواب اللقاء الديموقراطي النيابي برئاسة جنبلاط: "ان اللقاء اوحى من خلال رئيسه بأنه لا يعارض الدائرة الواحدة وحرص على التعاطي مع رفض عضو اللقاء الوزير فؤاد السعد لها على انه موقف شخصي لا يلزمنا به". أضاف: "ان جنبلاط في حقيقة موقفه لا يحبذ الدائرة الواحدة، وحرص على الصمت رغبة منه في عدم الاختلاف مع لحود الذي يدعم الفكرة، إضافة الى انه لا يريد ان يقوى احد على رئىس الجمهورية وصولاً الى كسر كلمته". وأكد "ان جنبلاط، الحريص على علاقته بالرؤساء الثلاثة، يرفض في الوقت الحاضر ان يستخدمه الآخرون متراساً تطلق من خلاله النار على رئيس الجمهورية"، مشيراً الى "ان رئيس الحزب التقدمي يعتبر في قرارة نفسه ان الدائرة الواحدة في ظل الاوضاع السائدة تؤدي الى تهميش المسيحيين من ناحية، والى اندلاع حرب على الصلاحيات بين الدروز والشيعة في حال استحداث مجلس الشيوخ من ناحية أخرى البلد في غنى عنه الآن، وان كان، يريده شخصياً، لكنه لا يلح في اقراره، إضافة الى ان الدائرة الواحدة ستفسح في المجال امام حصول مبارزة بين الشيعة والسنّة على من سيتزعم اللائحة الانتخابية". وفي المقابل، قال ركن بارز في "اللقاء التشاوري النيابي" الموالي ان موقف عضوي اللقاء، نائب رئىس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ووزير الصحة سليمان فرنجية كانا أول من عارضا الفكرة وان اللقاء نجح في تسجيل اصابة في مرمى "لقاء قرنة شهوان" وتمكن من ان يقدم نفسه للمسيحيين على انه الحريص على مصالحهم السياسية الرافض لتحجيم التمثيل المسيحي. وأكد ان رفضه لا يعود الى عدم التشاور معه قبل اطلاق الفكرة عبر وسائل الاعلام، بل يعبر عن قناعة اللقاء بعدم جدواها في الوقت الحاضر، وان لا ضرورة لاعطاء "قرنة شهوان" ذريعة لشن هجوم على الموالاة بعد ان ادى الهجوم المضاد الذي استهدفها الى تراجعها الى موقع الدفاع عن النفس. لكن لرئىس الحكومة السابق عمر كرامي موقفاً آخر، عبر عنه امس امام زواره، مؤكداً "اننا سنتحسر على لوائح البوسطات والمحادل والمال". في اشارة الى الاجواء التي سادت الانتخابات الاخيرة في الشمال، في مقارنة ذلك "بالدائرة الواحدة التي ستكون بمثابة قطار يصعد اليه من يقع عليهم الخيار بغض النظر عن حجم تمثيلهم الشعبي". وأضاف كرامي: "ان الفكرة طرحت من باب المناورة ولا أعتقد بأنها جدية". وعزا السبب الى ان من المبكر وقبل سنتين وسبعة اشهر من الانتخابات المقبلة ان تبادر السلطة الى الكشف عن اوراقها حيال الخطوط العريضة لقانون الانتخاب. وقال انه "لا يؤيد الرأي القائل إن استحضار الدائرة الواحدة يهدف الى حشر "قرنة شهوان" "الذي تسبب في حشر نفسه قبل ان يحشر الآخرين، بسبب خطأين ارتكبهما: اقتصاره على لون طائفي معين، وتوجه بعض اعضائه الى المؤتمر الماروني في لوس انجليس ورفضهم نفي علاقتهم بالقرارات التي صدرت عنه، اذ لا يكفي القول انهم حاولوا تعديل بعض البنود وأخفقوا". وجدد كرامي قوله: "ان الدائرة الواحدة طرحت بهدف جس نبض الآخرين، وأريد لها ان تكون بالون اختبار لصرف النظر عن مواضيع اخرى، لكنها ولدت ميتة". وعليه يؤكد القطب النيابي ان الفكرة وضعت في البراد، لكنه لا يستطيع ان يجزم ما اذا كانت ستسحب منه لاحقاً، مشيراً الى ضرورة مراقبة التداعيات الامنية والسياسية للحرب الاميركية على العراق، التي يمكن ان تسهم في انضاج الظروف لإعادة طرحها ولاعتبارات قد تدفع بالمعارضين لها اليوم الى المطالبة بها، خصوصاً اذا كانت هذه التداعيات ستستعجل اعادة رسم خارطة المنطقة.