أقر مجلس التعليم العالي في سورية وهو أعلى هيئة تعليمية تدريس أحد المقررات بلغة أجنبية في كل صف من صفوف الدراسة في الجامعات السورية، اضافة الى المناهج المتخصصة بتعليم اللغة الأجنبية، في سابقة رأت الأوساط التعليمية انها تشكل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، تعين الطلاب على تحسين قدراتهم اللغوية أسوة بالدول المجاورة. واعتبرها البعض بمثابة ال"الردة" إذا تلتها قرارات أخرى تضع في مهب الريح جهود ربع قرن من اعتماد سياسة التعريب. وسمح القرار بتدريس المقرر باللغة الأجنبية في السنتين الثانية والثالثة في الفصل الثاني من العام الدراسي الجاري، على أن يشمل بقية الصفوف في العام المقبل، كذلك تدريس المقرر الخاص باللغة الأجنبية وفق المنهاج الجديد الذي أعيد وضعه على أسس علمية جديدة. وعمدت الجامعات الى تطبيق نص القرار على مواد متخصصة بحسب الكليات، بينما أعفت مواد العلوم الأساسية من التطبيق. وجامعة حلب نموذج لذلك. أثنى الدكتور رياض الأصفري عميد كلية الطب البشري على القرار الذي لبى حاجة الطلاب الى لغة ثانية، وفي شكل خاص اللغة الانكليزية، لمواكبة التطورات العلمية في مختلف ميادين العلوم، وبالتالي، تحسين الكفاية العلمية للطالب السوري "الذي يعاني ضعفاً في تأهيل اللغات الأجنبية يعوقه في اتمام دراسته عند الالتحاق بالجامعات الأخرى، ويحرمه من الاستفادة من المراجع العلمية في شكل أمثل ومتابعة آخر البحوث في مجال اختصاصه، لا سيما بعد تطور وسائل الاتصال وذيوع الانترنت وانتشارها" بحسب قوله. وأشار الأصفري الى انه يمكن التوفيق بين سياسة التعريب وتدريس مقررات بلغة أجنبية "إذ لا توجد أية معوقات لتنفيذ القرار في كلية الطب البشري التي سارعت الى اقامة دورات تقوية في اللغة الانكليزية خلال العطلة الصيفية بغية تهيئة الطلاب لهذه التجربة التي لاقت استحسان المعنيين، خصوصاً في الكليات العلمية" كما يقول. لافتاً الانتباه الى ان اصدار قرارات جديدة تقضي بتدريس أكثر من مقرر بلغة أجنبية في الصف الواحد ينبغي عرضه على استفتاء لمعرفة رأي الطلاب في هذه المسألة؟ كما في لبنان بينما رأى غسان الخطيب طالب في السنة السادسة في كلية الطب البشري انه ينبغي خوض التجربة الى نهايتها بإصدار قرارات أخرى تسمح لمجالس الجامعات والكليات بتدريس مناهج باللغة الأجنبية وفق ما تقتضيه مصلحة الطالب. وقال: "مناهجنا قديمة وبعضها مضى عليها أكثر من عقد من الزمن عجزت خلاله عن اللحاق بالتطورات الجديدة، كما لا يمكننا الرجوع الى المراجع المتخصصة ومطالعة الدوريات الطبية التي نعول الآمال عليها لمعرفة الجديد في العلوم الطبية". وطالب وزارة التربية بأن تولي عناية خاصة بتدريس اللغات الأجنبية في مرحلة التعليم الأساسي والمرحلة الثانوية كما في لبنان، ما يجنب الطلاب المفاجأة ومرارة الفشل. في المقابل، دعا ابراهيم حابو طالب في السنة الثالثة في كلية الاقتصاد الى عدم اصدار قرارات ارتجالية تتجاهل مقدرة الطالب التي اكتسبها في السنوات السابقة وألا تتخلى وزارة التعليم عن المكاسب التي حققتها عبر ربع قرن من اعتماد سياسة التعريب "هذه السياسة التي ألزمت المعنيين ترجمة الكتب في جميع الاختصاصات وجعلت المعلومة العلمية في متناول شريحة كبيرة من المجتمع، اضافة الى انها أثبتت ان في مقدور اللغة العربية استيعاب مختلف العلوم والارتقاء بها الى مستويات مرموقة، وإذا ما تخلفت عن القيام بهذا الدور يتحمل القائمون على هذه المهمة المسؤولية" وفق قوله. من جهتها، أظهرت نهى مراد طالبة سنة ثانية في كلية الحقوق سعادتها من هذه الخطوة الايجابية "التي من شأنها اعادة الروح والحيوية الى منظومة التعليم العالي، ما يمكنها تحقيق أهدافها، والمهم هو ايصال المعلومة الجديدة بأية طريقة مناسبة ما دامت المناهج المعربة عاجزة عن ذلك" بحسب قولها. مشيرة الى صعوبات عدة، يمكن تذليلها، قد تعترض سير نجاح هذه العملية، ومنتقدة في الوقت ذاته عدم استشارة الطلاب في هذه القضية المهمة ولو من طريق ممثلي الطلاب في اتحاداتهم. ونشط مركز تعليم اللغة الانكليزية التابع لمعهد تعليم اللغات في افتتاح دوراته التخصصية لنيل شهادة "التوفل" و"الآيلتس"، كذلك دورات تقوية في الكتابة والتنقيح والمحادثات لجميع المستويات، بهدف تقديم المساعدة وبأجر رمزي للطلاب الذين لا يستطيعون الاستفادة من المناهج المقررة باللغة الانكليزية في الشكل المطلوب. يذكر ان تدني مستوى تأهيل الطلاب السوريين في اللغة الانكليزية حال دون التحاق أعداد كبيرة منهم بالجامعة الافتراضية السورية في عامها الدراسي الأول. وكانت تعاقدت مع جامعات أجنبية اشترطت نيل شهادة "التوفل" للقبول في اختصاصاتها من خلال مناهج في حاجة الى سنة تحضيرية لاتمام دراستها، ناهيك عن ارتفاع قيمة رسم التسجيل في السنة التحضيرية الى 37500 ليرة سورية الدولار نحو 50 ليرة وهو ما يرهق كاهل معظم السوريين المحدودي الدخل.