قتل شابان فلسطينيان واصيب عشرة …خرون في اشتباكات هي الاولى من اشهر بين عناصر من "كتائب عز الدين القسام" الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس وعناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية. والقتيلان هما محمد فخري حجازي 31 عاما، ومحمود فاروق البورنو 32 عاما من أنصار حركة "حماس". وكانت اشتباكات مسلحة وقعت بين مجموعة من "القسام" جاءت إلى أحد أزقة مدينة غزة بعد ظهر أمس ل"تحرير" ثلاثة من عناصرها لجأوا إلى أحد المنازل في البلدة القديمة بعدما حاصرهم العشرات من رجال الأمن الفلسطيني. ودارت اشتباكات مسلحة بين الطرفين انسحب على أثرها رجال الأمن، فيما خرج الثلاثة المحاصرون مع رفاقهم واستقلوا سيارات كانت في انتظارهم وتوجهوا إلى جهة غير معلومة. وفي هذه الاثناء، واصل مئات المواطنين قذف رجال الأمن بالحجارة التي كانوا قذفوهم بها قبل وصول المجموعة في محاولة لدحرهم عن المكان. ورد مئات رجال الأمن بإطلاق النار على المواطنين، فقتل اثنان واصيب عشرة آخرون بجروح مختلفة. وقال شهود ل"الحياة" ان رجال امن فلسطينيين ادعوا إن الرجال المحاصرين هم من "العملاء" و"المتعاونين" مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، الأمر الذي لم ينطل على المواطنين الذين تعرفوا على عناصر "القسام" من هيئتهم وملابسهم والأسلحة والمتفجرات التي في حوزتهم. وجاءت الصدامات بعد يوم بدا منذ ساعات الصباح متوترا بين الحركة والسلطة الفلسطينية بسبب قتل ضابط كبير في الشرطة الفلسطينية بدافع الثأر. ومن المفارقة ان يسقط قتيلان أمس في يوم شهد مقتل قائد شرطة مكافحة الشغب العقيد راجح أبو لحية برصاص مسلح قال انه انتقم منه لمقتل شقيقه برصاص الشرطة قبل عام. والمفارقة الأغرب ان هذه الصدامات وقعت في مدينة غزة بين انصار "حماس" ورجال الأمن في وقت كان فيه الالاف من الفلسطينيين يشيعون في مدينة خان يونس جثامين 12 شهيدا سقطوا برصاص قوات الاحتلال الى مثواهم الاخير. وتعيد هذه الصدامات إلى الأذهان الصدامات المسلحة التي وقعت قبل أشهر بين عناصر من "حماس" وآخرين من حركة "الجهاد الإسلامي" من جهة، وعناصر من الأجهزة الأمنية من جهة أخرى، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المواطنين وأنصار الحركتين. ويعتقد ان الصدامات كانت ذروة الاحتقان والتوتر بين الحركة والسلطة على خلفية مقتل ابو لحية. وكانت الشرطة طالبت حركة "حماس" بتسليم قاتل أبو لحية. وشددت الشرطة في بيان أصدرته ظهر أمس في أعقاب مقتل أبو لحية على انه "لا بد من تسليم القتلة وفي مقدمهم عماد عقل ومجموعته التي شاركته في ارتكاب هذه الجريمة، ومن وراءهم إلى النيابة العامة حتى يأخذ القانون مجراه". وكان عقل عضو "كتائب القسام"، "المطلوب" لأجهزة الأمن الإسرائيلية أعلن صباح أمس في السوق الشعبية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، أنه قتل أبو لحية انتقاما لمقتل شقيقه يوسف 19 عاما في الثامن من تشرين الأول أكتوبر الماضي. ويوسف واحد من ثلاثة فلسطينيين قتلوا العام الماضي أثناء مشاركتهم في تظاهرة نظمها طلاب الجامعة الإسلامية في غزة احتجاجا على بدء الهجمات الأميركية على أفغانستان في السابع من الشهر نفسه، قبل أن تتحول إلى مصادمات عنيفة بين آلاف المواطنين ورجال الشرطة. واتهم ذوو القتلى الثلاثة آنذاك صراحة كلاً من العقيد أبو لحية قائد قوات مكافحة الشغب ومدير الشرطة السابق اللواء غازي الجبالي بأنهما المسؤولان عن قتلهم، الأمر الذي نفته الشرطة والسلطة الفلسطينية في حينه، فيما هدد ذوو القتلى بالثأر لأبنائهم. ومن دون العائلتين الأخريين لم تفتح عائلة عقل بيتا لتلقي العزاء بمقتل ابنها وتعهدت فتحه بعد الانتقام لدمائه، جريا على عادة قديمة ما زال بعض العائلات الفلسطينية يتمسك بها. وقال شهود ل"الحياة" أن عقل أعلن في السوق المكتظة بالمشترين انه قتل العقيد أبو لحية انتقاما لمقتل شقيقه وعلى خلفية عائلية فقط وليس على أي خلفية أخرى، قبل أن يشعل النار في سيارة أبو لحية التي استولى عليها. وقالت الشرطة في بيانها أن "مجموعة من حماس كانت ترتدي زي قوات الأمن الوطني الاستخبارات العسكرية مكونة من نحو 20 شخصا بكامل أسلحتهم، وتستوقف السيارات وتقوم بتفتيشها" في أحد شوارع شمال مدينة غزة، مشيرة إلى انه "في هذه الأثناء كان العقيد أبو لحية 53 عاما متوجها من مسكنه في أبراج الكرامة القريبة من المكان إلى مقر عمله، ووقفت سيارته عند نقطة التفتيش باعتبار أنها استخبارات، ولما شوهد فيها العقيد راجح قال أحدهم هذا هو. وعندها تجمعت عليه مجموعة كبيرة منهم، وخطفت السيارة وفيها العقيد راجح بعدما أجلت اثنين من مرافقيه والسائق من السيارة، وانطلقت به في اتجاه شارع الجلاء وقتلته داخل السيارة باطلاق أكثر من 10 رصاصات عليه، ونكلت بجثته والقت بها في شارع الجلاء، وقادت السيارة واتجهت بها إلى مخيم النصيرات، حيث احرقتها وإطلقت النار في الهواء وقالت عبر مكبرات الصوت انها أخذت بالثأر". وتساءلت الشرطة في بيانها: "لمصلحة من تم ارتكاب هذه الجريمة في ظل هذا الحصار والقتل والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال أمس في خان يونس وبيت لاهيا وكل المدن الفلسطينية في الأيام الماضية وطول العامين الماضيين". وعلمت "الحياة" أن قادة من حركة "حماس" التقوا مسؤولين في الشرطة والسلطة الفلسطينية لساعات طويلة للبحث في سبل تطويق الأحداث قبل تفاقمها.