تضاربت التقويمات الصادرة عن حركتي "فتح" و"المقاومة الإسلامية" حماس في شأن نتائج اللقاءات التي عقدها ممثلون عن الحركتين خلال اليومين الماضيين للبحث في سبل نزع فتيل الأزمة التي عصفت بقطاع غزة أخيرا. فبينما وصفت "حماس" اللقاء الأخير بين الطرفين بأنه "ناجح وايجابي"، اعتبرت "فتح" التي تمثل السلطة كونها حزبها الرئيسي وعمودها الفقري أن اللقاء "غير ايجابي". على رغم كل المحاولات المبذولة من جانب الفصائل الوطنية والإسلامية، خصوصا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فان الطرفين استمرا في إلقاء التهم كل على الآخر وتحميله مسؤولية خلق الفتنة وعدم تطبيق القانون واحترام سيادته وتعطيل التوصل إلى اتفاق يضع حدا للتوتر الذي مازال قائما في القطاع على رغم الهدوء النسبي الذي عم مدنه ومخيماته وقراه أمس. وفيما تجري الشرطة والأجهزة الأمنية بحثا مكثفا عن عماد عقل أحد عناصر "كتائب الشهيد عز الدين القسام" الذراع العسكرية ل"حماس"، الذي قتل صباح الاثنين الماضي قائد شرطة مكافحة الشغب العقيد راجح أبو لحية على خلفية اتهامه بمقتل شقيقه يوسف عقل قبل نحو عام في صدامات بين متظاهرين ورجال الشرطة، واصلت السلطة وحركة "فتح" مطالبة "حماس" بتسليم عقل و ادانه قتل أبو لحية، الأمر الذي ترفضه "حماس" بإصرار. وتتذرع "حماس" بان لا علاقة لها بتاتاً بعملية قتل أبو لحية على رغم أن القاتل احد عناصر "كتائب القسام" لذا ليس من حقها تسليمه. واعتبر سمير المشهراوي عضو اللجنة الحركية العليا لحركة "فتح" في قطاع غزة، الذي شارك في اللقاء مع "حماس" أن "الأخوة في حماس لا يقدرون خطورة الحدث مقتل أبو لحية في ظرف نحن في أمس الحاجة فيه إلى وحدة وطنية حقيقية وتلاحم الناس وحشد طاقاتها في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون وتوجهاته والمجازر التي يرتكبها، فضلا عن تزامن العملية مع مجزرة خان يونس" التي استشهد فيها 16 فلسطينيا. وتعتبر "فتح" تسليم عقل والمجموعة التي شاركت معه في قتل أبو لحية شرطا مسبقا لاستئناف عقد أي لقاءات جديدة وبحث القضايا كافة. ويقول المشهراوي في حديث ل"الحياة": "إذا حملوا أفكارا ايجابية فنحن دائما جاهزون للجلوس والتعاون وبحث كل القضايا العالقة ومن ضمنها تطبيق القانون على الجميع"، وهو مطلب ل"حماس" التي تشترط محاكمة ومحاسبة من أطلقوا النار على المتظاهرين في أكثر من مناسبة. وكانت "فتح" أصدرت أمس بيانا شديد اللهجة موجها ضد "حماس" حمل تحذيرات من ما أسمته محاولة بعض عناصر الحركة الاسلامية التحريض على عناصر من "فتح" يدعون أنهم شاركوا في إطلاق النار في المواجهات من خلال عملهم في أجهزة السلطة الشرطية والأمنية. وقالت ان الحركة فتح "تحذر من التعرض لأي من أبنائها وكوادرها سواء العاملين في الأطر الحركية أو خلافها"، وان "فتح" تنظر بخطورة بالغة لمحاولة عناصر من "حماس" تريد أسماء بعض الأخوة، و"هو ما يعني دعوة مفتوحة للقتل والتخريب وهنا فإننا نحذر بقوة كل من يفكر بالتطاول على أبناء حركة فتح". ولفت المشهراوي إلى أن عناصر وقادة من "حماس" ذكروا أثناء تشييع جثماني القتيلين في مدينة غزة أول من أمس أسماء بعض عناصر "فتح" من الأجهزة الأمنية واتهموهم بإطلاق النار وقتل القتيلين وإصابة نحو 15 آخرين. وشدد على حرص "فتح" على عدم انقلاب الأمور وتدهورها نحو الأسوأ، لافتا إلى أنها كانت تتوسم إدانة فورية من جانب "حماس" لعملية القتل وتسليم القاتل. من جانبه، وصف إسماعيل هنية القيادي في حركة "حماس" اللقاء بأنه "ناجح وايجابي"، وأشار إلى أن مسؤولي الحركتين اتفقوا في اللقاء على استشعار خطورة المرحلة والتهديدات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني،وضرورة سعي الجميع للتهدئة وسحب كل مظاهر التوتر والاحتقان بما فيها وقف الحملة الإعلامية. وقال أن الطرفين اتفقا أيضا على التأكيد على رفض الاقتتال الداخلي بما فيه الاغتيال وأهمية تطبيق القانون، لافتا إلى أن التعارض برز هذه النقطة، قائلا ان "حماس" تصر على تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء وان الناس سواسية أمامه، لا أن يبدأ تطبيقه من قضية عماد عقل فحسب. وقال هنية أن الحركة مع صيانة الدم الفلسطيني وحماية الشعب والجبهة الداخلية ومشروع التحرر من الاحتلال، مشددا على أن المعركة مع الاحتلال ولا يجب أن تنحرف عن ذلك.