شيعت السلطة الفلسطينية في موكب جنائزي عسكري مهيب جثمان قائد شرطة مكافحة الشغب العقيد راجح أبو لحية إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة أمس . وشارك في الجنازة أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووزراء في السلطة وقادة أجهزتها الأمنية وكبار الضباط ورجال الشرطة وأجهزة الأمن وموظفو الوزارات والهيئات الحكومية . وصلى المشيعون على جثمان ابو لحية في مسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان غرب المدينة قبل أن يحمل على الأكتاف في موكب اخترق شوارع مدينة غزة وصولا إلى مقبرة الشهداء في حي الشيخ رضوان شمال المدينة حيث ورى الجثمان الثرى. وهتف عدد كبير من المشيعين المشاركين في الجنازة التي انتهت من دون وقوع صدامات أو أحداث تذكر ضد "حركة المقاومة الإسلامية" حماس وعدد من مسؤوليها. وسيطر الغضب والحزن على كثير من المشيعين الذين رأوا في قتل أبو لحية مساسا خطيرا بالوحدة الوطنية وتجاوزا للخطوط الحمر في العلاقات الفلسطينية الداخلية التي شهدت منذ نحو عام تراجعا في اللحمة وتوترا أدى في بعض الأحيان إلى صدامات مسلحة واشتباكات أسفرت عن سقوط الكثير من القتلى. وكان آخر هؤلاء وفاة الشاب حازم أبو عبيد 16 عاما من مخيم النصيرات أمس متأثرا بجروح أصيب بها برصاص الشرطة الاثنين الماضي في الصدامات بين المتظاهرين ورجال الشرطة على خلفية مقتل أبو لحية. وبسقوط أبو عبيد يصبح عدد القتلى في هذه الأحداث خمسة قتلى وعشرات الجرحى. وسيشيع جثمان أبو عبيد في وقت لاحق إلى مثواه الأخير. وأصدرت عائلة أبو لحية بيانا أمس دعت فيه الفصائل والقوى كافة إلى استنكار "الجريمة البشعة" في إشارة إلى مقتل أبو لحية والتنديد بها. وقالت في بيانها الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه: "نحتفظ بحقنا في تلقين الجبناء ما يستحقونه من عقاب، ما لم يمثل القتلة أمام القضاء ليأخذ القانون مجراه، وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بمشروعنا الوطني وبرموز مشروعنا الوطني". في هذه الأثناء ساد الهدوء على الأرض، ولم تقع أي أحداث تذكر، إلا أن المعركة الإعلامية لم تنته بين حركة "حماس" من جهة وحركة "فتح" التي تصدت للقضية في الأيام الأخيرة بدلا من السلطة، من جهة أخرى. وكانت "حماس" ردت على البيان الشديد اللهجة الذي أصدرته "فتح" أول من أمس ، ببيان كان عنوانه "إلى الاخوة في فتح : الحوار وليس التهديد سبيلنا لمعالجة الخلافات داخل الصف الفلسطيني". وقالت "حماس" في بيانها الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه انها "تدعو الاخوة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى الابتعاد عن سياسة التصعيد على مستوى الفتنة الداخلية التي لن يجني شعبنا الفلسطيني من ورائها غير العلقم". وأشارت الحركة في بيانها إلى خمس نقاط قالت أنها عرضتها على "فتح" تؤكد أولا "حرصنا على التهدئة ونزع الفتيل ووقف كل مظاهر الاحتقان ووقف الحملة الإعلامية المتصلة بهذا الجانب"، إضافة إلى تأكيد "إننا ضد الاقتتال الداخلي وضد سياسة الاغتيالات". وقالت الحركة أنها أكدت أن "الحوار وحده هو الذي يجب أن يسود وليس اللجوء إلى أي أسلوب آخر"، إلى جانب تأكيدها "سيادة القانون في كل الحالات التي يجب أن يطبق فيها القانون او تعزيز مبدأ الشفافية والمحاسبة". و أخيرا أكدت"حماس" "استمرار لقائنا باخوتنا في حركة فتح لحل هذه المشكلة". وردت "فتح" ببيان جديد أمس أكدت فيه ما سبق أن طالبت به وهو "الإسراع بإلقاء القبض على القتلة وتقديمهم للعدالة لحماية المجتمع الفلسطيني وتطبيق سيادة القانون والتأكيد على التعامل مع هذه المسألة في إطار القانون فقط". وقالت الحركة في بيانها الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه أنها "تؤكد ان المدسوسين بين صفوف شعبنا الذين يسعون لخلق الفتنة ستطالهم يد العدالة ولن يفلتوا من العقاب"، في إشارة إلى عماد عقل ومجموعته الذين قتلوا العقيد أبو لحية واتهموه بأنه قتل شقيق عقل قبل نحو عام في صدامات مع الشرطة.