افادت النتائج الأولية للانتخابات البوسنية التي ظهرت أمس، ان المتشددين من كل الأعراق، ما زالوا يتمتعون بتأييد واسع، واعتبر المراقبون ذلك خيبة أمل بالنسبة الى الأوروبيين والمسؤولين الدوليين في البوسنة الذين كانوا يأملون في وصول "اصلاحيين" موالين للغرب الى السلطة. وفي غضون ذلك تقدم رئيس الوزراء البوسني السابق حارث سيلايجيتش على سائر المرشحين للرئاسة في مناطق المسلمين. أعربت الأحزاب القومية المتشددة للمسلمين والصرب والكروات عن رتياحها لنتائج الانتخابات التي جرت أول من أمس، واعتبرتها معبرة عن مواقف المواطنين الذين سئموا فقدان الأمن واستمرار تردي الأوضاع، اضافة الى معاناة أكثر من نصف البوسنيين القادرين على العمل من البطالة. وأكدت النتيجة رد فعل معاكس للناخبين تجاه ضغوط الزعماء الغربيين وتحذيراتهم من عواقب عدم فوز الاصلاحيين. واعترف زعيم التحالف الاصلاحي زلاتكو لاغومجيا رئيس الحكومة المركزية ووزير خارجيتها بتراجع تأييد الناخبين للاصلاحيين، عما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة التي أجريت قبل عامين، مشيراً "الى ان النتيجة جاءت "خلافاً" لما كان متوقعاً". واعتبر ان السبب في ذلك يعود في مناطق المسلمين، الى قلة مشاركة الناخبين في التصويت "خصوصاً الشباب الذين يجدون مستقبل البوسنة في ازاحة الأحزاب القومية" التي تسببت في اندلاع الحرب والمشكلات الناجمة عن ذلك. وجاء هذا التراجع في مناطق المسلمين لمصلحة كل من "الحزب من أجل البوسنة - الهرسك" بزعامة رئيس الوزراء السابق حارث سيلايجيتش، و"حزب العمل الديموقراطي - الإسلامي" الذي كان أسسه الرئيس السابق علي عزت بيغوفيتش. سيلايجيتش وأظهرت النتائج الأولية ان سيلايجيتش هو الأوفر حظاً للفوز بمقعد المسلمين في هيئة الرئاسة البوسنية رئاسة الجمهورية الثلاثية المشتركة بين المسلمين والصرب والكروات، لكن عدد الأصوات التي حصل عليها بدا متقارباً مع أصوات زعيم حزب العمل سليمان يتهيتش، ما جعل النتيجة النهائية محصورة بينهما. وفي شأن ممثلي المسلمين في البرلمانين "المركزي - للبوسنة - الهرسك" و"الاتحاد الفيديرالي المسلم - الكرواتي" ومجالس الكانتونات الخاصة بالمسلمين، فإن حزب العمل يحتل الصدارة في عدد المقاعد ويليه الحزب من أجل البوسنة - الهرسك. ونقل تلفزيون ساراييفو عن القيادي في حزب العمل حسن موراتوفيتش رئيس وزراء سابق ان حزبه "سيكون طرفاً أساسياً في أي ائتلاف لتشكيل السلطة الجديدة في الحكومتين المركزية والاتحاد الفيديرالي". وأبلغ مصدر قريب من سيلايجيتش "الحياة" في مكالمة هاتفية من ساراييفو أمس، انه يتوقع اتفاقاً بين حزبي "من أجل البوسنة - الهرسك" و"العمل الديموقراطي"، لقيادة المسلمين البوسنيين خلال السنوات الأربع المقبلة "لأن سيلايجيتش من مؤيدي الحكومات الموسعة والمتوازنة، باعتبار ان التمثيل المتنوع للمواطنين هو السبيل الأفضل نحو انهاء المشكلات التي تعاني البوسنة منها واحلال الثقة والتفاهم بين سكانها، بما يؤدي الى وحدة أراضي جمهورية البوسنة - الهرسك وضمان سيادتها واستقرارها". الكروات والصرب أما في مناطق الكروات داخل "الاتحاد الفيديرالي"، فإن القوميين بزعامة "حزب الاتحاد الديموقراطي الكرواتي" حققوا غالبية واضحة، وبدا فوز مرشحهم دراغان تشوفيتش لمقعد الكروات في هيئة الرئاسة مضموناً بغالبية كبيرة. وفي الجمهورية الصربية الكيان الصربي سيواصل "الحزب الديموقراطي الصربي" الذي كان أسسه رادوفان كاراجيتش، ولا يزال يدين له بكثير من الولاء، هيمنته على مقاليد الأمور. وبدا فوز مرشحه ميركو شاروفيتش لمقعد الصرب في هيئة الرئاسة مؤكداً، اضافة الى احتفاظ الحزب برئاسة الجمهورية الصربية وغالبية المقاعد في كل من البرلمانين "المركزي للبوسنة - الهرسك" و"المحلي للكيان".