وقّع زعيما الحزبين الكرديين في شمال العراق، زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود البرزاني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني، اتفاقية في ما بينهما تقضي بحل المشكلات بين الطرفين. وأشار الزعيمان الى انهما توصلا الى حل لمشكلة البرلمان، وانهما سوف يعلنان عن موعد لاجتماع البرلمان بالمناصفة. وهناك آراء تفيد بأن الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني اتخذا القرارات في شأن النظام الإداري والبرلمان، وحتى توحيد القوى العسكرية، في المباحثات السرية التي أجرياها في المانياوالولاياتالمتحدة الأميركية. إلا انه ينظر الى مساعي توحيد هاتين القوتين على أنه تطور خطير. ذلك أن هناك تبايناً كبيراً بين هيكلي الحزبين، والتربية السياسية، وتوجهاتهما نحو الشعب. ويستند تكوينهما إلى النظام العشائري والاقطاعي والدخل غير الشرعي. وعلى رغم انهما ينتقدان العراق، إلا انهما أكثر انغلاقاً على الديموقراطية منه. ففي الماضي القريب، أي في عامي 1992 و1998، تصالح الثنائي مرتين، ثم تخاصما، وعادا كلاهما الى حقيقته. وتم تشكيل برلمان في اربيل للحزب الوطني الديموقراطي الكردستاني، وبرلمان آخر في السليمانية، للاتحاد الوطني الكردستاني. فوجدت الراعية، أميركا، الحل في تقاسم مقاعد البرلمان مناصفة بينهما، ومنحت الآشوريين خمسة مقاعد، ليصبح المجموع 105 بعد ان كان 100 مقعد. فيكون الآشوريون هم الطرف المرجح في معظم القرارات في حال تعادل الكفتين. وتصريح بهرام صالح، أحد المسؤولين الرفيعي المستوى في الاتحاد الوطني الكردستاني: "كنا نرغب في دولة مستقلة لو لاءمت الظروف"، بعد تصريحات البرزاني، جزء من تطورات خطيرة. والطالباني لا يشعر بارتياح جراء تأخره خطوة عن منصب الزعامة. ويرى نفسه زعيماً للعراق كله، وليس لمنطقته وحدها، شأن البرزاني. فسوف ترينا الأيام أمام هذا الوضع هل ستتمكن الضمانات غير المعلنة التي قدمتها ادارة بوش للبرزاني والطالباني من ادامة هذا الاتحاد بين الزعيمين لوقت طويل أم لا؟ ما الذي يفهمه الثنائي من الاتحاد؟ الديموقراطي الكردساني، بالاستناد الى عدد الأفراد والمال، يخطط للسيطرة على الوضع، وفرض نفوذه على الاتحاد. أما الاتحاد الوطني الكردستاني، فهو في حسابات تقاسم ايرادات جمارك بوابة خابور الحدودية التي يحصل عليها الديموقراطي الكردستاني وحده. ولا يرغب أي طرف من الطرفين في فتح مكاتب للطرف الآخر في منطقته. ولهذا السبب يقوم الديموقراطي الكردستاني بتوزيع أموال رمزية على العشائر. في غضون ذلك، وعقب الاتفاقيات السرية التي لم يتمكن نتيجتها من التوصل الى حل لتقاسم هذه الايرادات، تفيد المعلومات تحرير الطالباني رسالة الى الولاياتالمتحدة الأميركية ومطالبته فيها التدخل الأميركي مجدداً لحل المشكلة. كما تفيد الأنباء أن الاتحاد الوطني الكردستاني أعلن انه سيزيد سعر الطاقة الكهربائية التي يمنحها من سد دو كان لمنطقة بهدينان، ليصبح سعر الكيلوواط الواحد 100 دينار، بعد ان كان 15 ديناراً. فالمعنى الحقيقي لهذا القرار هو: "إذا لم تتقاسم معي ايرادات الجمارك، سأحرمك من التيار الكهربائي". ويلاحظ ان السبب الأساس لازعاجهما الولاياتالمتحدة الأميركية، بين حين وآخر، هو مادة "تقاسم الايرادات" الواردة في اتفاقية واشنطن في 1998. ان كل هذه التضاربات مؤشرات تشير الى ان التنافس الحاد المتواصل بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني لن يجد نهاية. والوضع هذا يؤثر سلباً في الثنائي الذي لا يضع نفسه في اطار مستقبل عراق ديموقراطي. فمن المفيد ان يرى الطرفان هذه الحقيقة قبل ان يجدا نفسيهما داخل منطقة جديدة للتدخل العاجل في الشرق الأوسط... عمان - عادل توفيق السامرائي