يفترض ان تنتهي اليوم لعبة الاحتمالات وبورصة التوقعات لمصير الائتلاف الحكومي في اسرائيل حين يصوّت الكنيست بالقراءة الاولى على مشروع الموازنة للعام المقبل وسط اصرار حزب "العمل"، الشريك الأبرز في الائتلاف، على التصويت ضد المشروع وتهديدات رئيس الحكومة ارييل شارون بإقالة وزراء "العمل" اذا اقدموا حقاً على خطوة كهذه. ويبدو ان شارون يفضّل تشكيل حكومة يمينية ضيقة على تقديم موعد الانتخابات البرلمانية لخشيته من احتمال تفوق منافسه الليكودي رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو عليه. تواصلت حتى ساعة متقدمة من مساء امس محاولات ارباب الاقتصاد الاسرائيلي، لاحتواء الازمة فعقدوا اجتماعين منفصلين مع شارون وزعيم "العمل" بنيامين بن اليعيزر وتقدما باقتراح حل وسط يقضي بامتناع نواب "العمل" عن التصويت في مقابل التزام شارون درس مطالب "العمل" بتحويل اموال الى المتقاعدين وترتيب مسألة الموازنة للاستيطان. لكن اوساطاً حزبية رفيعة المستوى استبعدت ان تسفر هذه المحاولات عن رأب الصدع حيال رفض شارون ادخال اي تعديل على مسودة المشروع. وناشد عدد من كبار المسؤولين في الاقتصاد الاسرائيلي حزب "العمل" عدم ترك الحكومة حيال الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها اسرائيل محذرين من ان سقوط الحكومة قد يؤدي الى خفض الشركات الدولية التصنيف الائتماني لاسرائيل ما يعرّض اقتصادها الى خضّات تأتي بنتائج وخيمة. الى ذلك خيّمت اجواء عشية انتخابات على اروقة الكنيست واعلنت حركة "ميرتس" اليسارية تقدمها باقتراح لحجب الثقة عن الحكومة الاثنين المقبل، متوقعة النجاح في حال تصويت نواب "العمل" 24 وسائر كتل المعارضة على مختلف مشاربها السياسية الى جانب الاقتراح. واتهم بن اليعيزر رئيس الحكومة بإدارة الازمة الناشبة من منطلق دوافع واعتبارات حزبية ضيقة ونقل عنه انه وجميع وزراء "العمل" سيقدمون استقالاتهم من الحكومة قبل التصويت على الموازنة في حال اصر شارون على عدم التجاوب مع مطالبه. وقال وزير الزراعة رئيس الطاقم المفاوض عن "العمل" شالوم سمحون ان الخلاف يدور حول مبلغ 40 مليون دولار يطالب حزبه بتحويلها الى صناديق المتقاعدين، فاضحاً بذلك مزاعم بن اليعيزر عن معارضته دعم المستوطنات ومطالبته باقتطاع 150 مليون دولار من الموازنة المخصصة لها. وقال سمحون ان حزبه يطالب بفحص موازنة الاستيطان بعد اقرار المشروع بالقراءة الاولى وقبل القراءتين الثانية والثالثة. وواصل المعلّقون في الشؤون الحزبية تكهناتهم للخطوات التي سيتخذها شارون في حال خروج "العمل" من ائتلافه ما يعني تقليص القاعدة البرلمانية لهذا الائتلاف الى 55 نائباً،. اي اقل من نصف عدد نواب الكنيست 120 ما يعرضها لحجب الثقة عنها. واشاروا الى ان ثمة خيارات متنوعة امام شارون في مقدمها ابلاغ الرئيس الاسرائيلي اجراء انتخابات برلمانية بعد 90 يوماً، او محاولة تشكيل حكومة يمينية ضيّقة تستند الى 62 - 63 نائباً او الى 55 نائباً مع "شبكة امان" توفرها الاحزاب اليمينية المتطرفة غير المشاركة في الائتلاف وتضمن لشارون مواصلة ولايته حتى تشرين الاول اكتوبر 2003، موعد الانتخابات. وقال معلقون ان الاعلان عن انتخابات مبكرة يعرّض زعامته لحزب "ليكود" وبالتالي لرئاسة الحكومة المقبلة الى الخطر في ضوء المنافسة الشديدة له من رئيس الحكومة الاسبق بنيامين نتانياهو وحيال استطلاعات للرأي تفيد تارة بتقدم شارون على خصمه وبالعكس تارة اخرى. وبحسب استطلاع جديد نشرت نتائجه صحيفة "يديعوت احرونوت" امس فإن شارون يتقدم على نتانياهو بفارق 16 نقطة مئوية في اوساط انصار "ليكود" مع ضرورة الاشارة الى ان حق الانتخاب لزعامة الحزب مقصور على المنتسبين رسمياً الى الحزب. وافاد الاستطلاع ايضاً ان بنيامين بن اليعيزر ما زال يتأخر بفارق كبير 5 - 12 نقطة عن منافسيه على زعامة العمل حاييم رامون وعمرام متسناع. واكد الاستطلاع ان الاحزاب اليمينية ستحقق غالبية واضحة في الكنيست المقبلة وستتمثل ب65 نائباً مقابل 45 نائباً لحزب "العمل" و21 ل"ميرتس" اليسارية والاحزاب العربية و10 نواب لحزب الوسط "شينوي". وجاء لافتاً ان حزب "ليكود" سيعزّز موقعه ويعود ليكون الحزب الاكبر مع 29 نائباً 29 حالياً فيما يتراجع "العمل" من 26 نائباً الى 21. وعلى رغم هذه النتائج يبدو ان شارون ليس مطمئناً لها باعلانه تفضيله تشكيل حكومة ضيّقة على الذهاب الى الانتخابات بزعم ان التحديات التي تواجه الدولة العبرية لا تسمح بالانشغال بالانتخابات. لكن مهمة تشكيل حكومة كهذه لا تبدو سهلة. فقد اعلن زعيم "الاتحاد القومي" المتطرف افيغدور ليبرلمان انه يؤيد تقديم موعد الانتخابات لان حكومة ضيّقة لن تتمكن من اداء مهماتها وسط الازمات الحادة على مختلف الصعد. الى ذلك، يخشى شارون ان تمس حكومة ضيّقة ب"مكانته وهيبته كزعيم لا يخضع لابتزاز الاحزاب" على ما اورد قريبون منه او ان حكومة كهذه قد تعرّض الضمانات المالية الاميركية الى الخطر، بحسب الوزير رؤوقي ريبلين الذي نصح زعيمه بتقديم موعد الانتخابات. واكدت اوساط قريبة من شارون انه في حال اصراره على تشكيل حكومة ضيّقة فإنه سيسند منصب وزير الدفاع الى الجنرال في الاحتياط شاؤول موفاز وان هذا ابدى موافقة مبدئية.