اذا لم يكن لدى الدول العربية القدرة على مواجهة أميركا واسرائيل عسكرياً فلماذا لا تتحرك سياسياً وإعلامياً لإرباكهما وإظهار تناقضهما وبشاعتهما، وخروجهما على القانون الدولي وعلى المنطق والأخلاق؟ لماذا لا يكون هناك تحريك عربي موحد ومستمر، على أعلى المستويات، لقضية امتلاك اسرائيل السلاح النووي، والمطالبة بإجبارها على فتح مواقعها ومفاعلاتها للتفتيش الدولي؟ ان اصرار أميركا اليوم على تفتيش كل شبر في العراق للتأكد من خلوه من اسلحة التدمير الشامل هو فرصة ذهبية للعرب ليعلنوا اصراراً مماثلاً على تفتيش اسرائيل. ليعلن القادة العرب، مجتمعين، عن استعدادهم لفتح دول المنطقة للتفتيش الدولي عن اسلحة الدمار الشامل، على ان تكون اسرائيل على رأس هذه الدول. ولترافق هذه الحملة السياسية حملة اعلامية تقوم من خلالها وسائل الاعلام العربية بفتح هذا الملف على مصراعيه، وإثارة هذه القضية عبر برامج وتحقيقات تنقل اسرائيل من حالة الهجوم الى حالة الدفاع. ان الاعتقاد السائد بين معظم الحكومات العربية اليوم هو أن الابتعاد عن أي تصرف يزعج اميركا سيبعد شر اميركا عنها. والصحيح هو العكس تماماً، فلا شيء يثير شهية القوي على الاعتداء والسيطرة على الضعيف اكثر من صمت الضعيف، وخنوعه الكامل، وخوفه من ازعاج القوي. ولا اعتقد ان ما تفعله اميركا اليوم جنون، بل هو في منتهى التعقل والذكاء وفق منظومة القيم الأميركية، وسيكون من الغباء ان تمتلك اميركا هذا المقدار من القوة، وترى امامها أمة تملك كل هذه الثروات وكل هذا الضعف، فتبقي صواريخها وأسلحتها في المخازن، ولا تستخدمها لإخضاع هذه الأمة، وامتصاص ثرواتها بما يحقق لها أي لأميركا الثراء والرفاه. دمشق الدكتور ياسر العيتي