اكتسبت معاهدة حظر الانتشار النووي، حجر الزاوية في جهود نزع السلاح العالمي، فرصة جديدة للحياة، فيما يعد نصرا دبلوماسيا لإيران، ومجالا جديدا للشد بين إسرائيل وحليفتها المهمة أمريكا. ونجح المؤتمر، الذي اختتم أعماله أخيرا في الأممالمتحدة، هذه المرة في إصدار بيان نهائي وقعت عليه 189 دولة، وأكد بالإجماع ضرورة أن تتخذ الدول الموقعة على المعاهدة خطوات من أجل التخلص مما لديها من أسلحة نووية. ولكن أجزاء البيان الأكثر إثارة للجدل تتعلق مباشرة بإسرائيل، وهي ليست من الدول الموقعة على المعاهدة. ويفترض أن إسرائيل تمتلك ما بين 100 و300 رأس نووية، رغم أنها ترفض تأكيد أو نفي وجودها. ودعا البيان الختامي الذي صدر في 28 صفحة، إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وهو هدف سعت الدول العربية، بقيادة مصر، طويلا من أجله. ويطالب البيان على وجه التحديد، إسرائيل بالتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي وفتح منشآتها النووية للتفتيش الدولي. وفي رد فعل عنيف، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها تتجاهل هذا القرار واصفة إياه بأنه »معيب للغاية ومنافق«. هذه النتيجة تصبح مصدرا للإزعاج لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عند اجتماعه مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض. وكانت واشنطن أوضحت قبل مداولات معاهدة حظر الانتشار النووي المبرمة، أنه لا يمكن عقد أي مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط من دون معاهدة سلام شامل في المنطقة أولا. وأكدت إيلين توشر، رئيس الوفد الأمريكي في محادثات الأممالمتحدة: »لن يحضر أحد إلى مؤتمر لنزع السلاح طوعا إذا كانوا في حالة حرب مع جيرانهم«. والمشكلة أنه بعد ذلك بوقت قصير، أصدر الرئيس أوباما بيانا يؤكد »معارضة إدارته القوية« للجهود الرامية إلى التركيز على إسرائيل فقط؛ الأمر الذي يثير السؤال التالي: »لماذا لم ترفض واشنطن هذا القرار أصلا، وهو الذي كان إصداره يتطلب موافقة بالإجماع؟«. وأخيرا يتعين على إيران، وهي من الدول الموقعة على المعاهدة، أن تدرك أنها أبلت بلاء حسنا في نيويورك. فالوثيقة النهائية لم تذكرها بالاسم. وإذا كانت أمريكا أصرت على أن تتضمن الوثيقة ذكرها بالاسم لما كان من الممكن أن تصدر أصلا. وليس من المستغرب أن تغضب إسرائيل بسبب إغفال الإشارة إلى إيران.