حسن الأمين الذي توفي الإثنين الماضي ، شخصية ثقافية اسلامية بارزة، ابن أحد أهم المراجع الشيعة في زمانه، قاض مدني سابق، مرشح للانتخابات النيابية في لبنان لم يحالفه الحظ، أعطى حياته كلها للكتابة والأبحاث، متصل بتراث أبيه السيد محسن الأمين، وقد يكون مشاركاً فيه. شاعر وكاتب ومؤرخ وصاحب اطلاع موسوعي في الثقافة والجغرافيا والتاريخ والسوسيولوجيا والايديولوجيا الاسلامية الشيعية بخاصة، وفي التاريخ الوطني السياسي السوري قبل الاستقلال بنوع خاص، وكذلك اللبناني والعربي. موسوعة "أعيان الشيعة" أكملها بعد والده وربما شارك فيها أثناء حياته، له صفحات جميلة لا تحصى حول أحياء دمشق وتكوينها الجغرافي الاجتماعي. حجة في تاريخ جبل عامل وفي تاريخ المقاومة السورية للانتداب الفرنسي. له كتابات عن الهند وباكستان والشيعة فيهما. يكتب بتدفق، ويتوسع أحياناً فلا يترك شاردة أو واردة عن الموضوع الذي يتكلم عنه، ولا يترك للفن الكتابي وللمنهج أحياناً أن يسيطرا على نصوصه على حساب تفاصيل ومعلومات ونظرات تزخر بها ذاكرته وتمتلئ بها جعبته، وتكون في كثير من الحالات مجهولة أهم من أن تحبس فلا تظهر، وأهم من توضع جانباً بدعوى التقيد الصارم بمسيرة المقال أو النص ذي العنوان المحدد. يعتبر النوع مهماً كما يعتبر الكم مهماً أيضاً، إذ أن هناك ملاحظة هامشية أو معلومة غير معروفة تفيد أكثر من المعلومات ذات الطبيعة المتقنة. ليكن المقال بحراً ولو ماؤه بحاجة الى بعض تقطير، بدلاً من أن يكون ساقية مقطرة وفقيرة على نقائها. عاش أنواعاً مختلفة من الحياة، سافر الى أماكن كثيرة ومكث فيها مدة غير قصيرة، ولم تكن سفراته من جنس واحد. عاش شبه طالب في باريس كما زار الهند وباكستان، وطبعاً العراق وايران وأجزاء من آسيا الوسطى. وله كتابات شائقة تاريخية وابداعية فكرية حولها. كان أشد ثقة بأهمية نظرته الشمولية الى البانوراما الاسلامية من ان يقتصر على تدقيق الجزئيات، تلك النظرة التي كونها من رحابة ثقافية ومن نوعية الرجال الذين عاشرهم من علماء ورجال دين وسياسة من الصف الأول. الفترة الذهبية من حياته هي تلك التي قضاها الى جانب والده في دمشق يشاركه القرار المؤثر في مسيرة الحياة الوطنية السياسية، لا سيما ذلك الاضراب العام الذي أعلنته الحركة الوطنية السورية عام 1936 من بيت والده السيد محسن معرفة منها بمردود ذلك في تعزيز هذا الاضراب الذي دام ستين يوماً وجعل الحكومة الفرنسية تبدأ مفاوضاتها مع رجال الكتلة الوطنية تحت عنوان تسليم سورية حقها بالاستقلال. لقد ذهب رجال سورية الى بيت السيد في دمشق ليعلنوا من هناك الاضراب، ويضمنوا له اوسع تجاوب وأكبر فعالية.