"فانتازيا" تاريخية.… وتراكم من حقبات وعصور غابرة، إجتمعت في مدينة جبيل اللبنانية، وبالتحديد في "متحف الشمع" الذي جسدّ احداثا ومشاهد وشخصيات دمغت ذاكرة الحضارة والإنسانية... سراديب متعرجة تفضي بك الى مشاهد وتجسيدات لحقبات زمنية من تاريخنا الذي نعتزّ به مهما عصفت بنا رياح المدنية والتطور... ومتحف الشمع في مدينة بيبلوس - جبيل، يعتبر من اول المتاحف من نوعه في لبنان والعالم العربي. تأسس العام 1967على يد الفنانين حبيب خوري وشوقي ابي حنا وافتتح الجزء الأول منه في1970، وقد نجحا في جعل الشمع "ينطق" اذا جاز التعبير...فأتت التشكيلات الفنية - التاريخية - الفولكلورية لتجسد امجاداً لتاريخ مشرق وضّاء. لكن حبيب خوري توفي العام 1971 فأكمل المسيرة الناجحة رفيق دربه شوقي الذي عكف على التجديد والتوسيع ليتشّكل مشروع حضاري- جمالي يعتبر بحق ثروة وطنية وذخراً للحضارة التي تسرد تاريخاً عابقاً بالأحداث والتطورات... وكما هي الحال لدى إندلاع الحروب والأزمات فقد اقفل متحف الشمع طيلة احد عشر عاماً إبان الحرب في لبنان ، ليصار الى ترميمه وتأهيله وإضافة العديد من التماثيل والمشاهد، بخاصة التي تحاكي لبنان اليوم والتي أتت تطوراً منطقياً للمشاهد التاريخية القديمة التي استهلينا بها حديثنا... ولعل أهم مشهد اضيف في الفترة الأخيرة هو للأديب اللبناني العالمي جبران خليل جبران الذي يقف الزائر امامه بسكون ورهبة. وسام تكريمي...لموهبة فذة 129 تمثالاً منتشرة في 25 مشهداً، محاطة بديكورات ملائمة ومواكبة لكل مشهد وتاريخيته، الى ملابس مقتبسة من فولكلور كل شعب وحقبة ، وهذا كله يحتاج الى جهد وذوق رفيع. وكان حبيب خوري تعلّم فن النحت بالشمع قبل التفكير بإقامة المتحف، ودرس شوقي ابي حنا اختصاص النحت في بلجيكا ثم قاما بتنفيذ التماثيل محلياً وهذا ما جعل متحف الشمع في جبيل مميزاً عن المتاحف الأخرى في لبنان ، ويستغرق العمل في التمثال الواحد بين خمسة وستة اشهر. ويستورد الشمع الخاص بالتماثيل من الخارج، اما الشعر فهو طبيعي والعيون من الزجاج كي يشكلّ بريقها وميضاً ينبض بالحياة يسري في شرايين الوجه الذي تنقصه فقط معجزة التعبير... ؟ على شاطىْ جبيل .... وعلى رمية حجر من قلعتها الشهيرة نلقى فناناً يمتشق ادوات النحت الى عزمه وتصميمه ليتحفنا ب"مشاهد" و"شخصيات"... وتقديراً لعطاءات هذا الرجل قلده رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وسام الاستحقاق خلال حفلة تكريم اقيمت بدعوة من بلدية جبيل. عبدالله ذبيان