السلام عليكم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، ورحمة الله وبركاته، لم أجد افضل من هذه الكلمات الخمس لكي استهل بها كتابي هذا إليكم، لأن الكلمات التي تصدر عن كل مسلم، أينما كان في شكل عفوي وغريزي، إنما تتضمن في طيها أنبل الصفات التي يسعى المسلم المؤمن الى امتلاكها، ألا وهي السلام والرحمة، السلام والرحمة بين المسلم وبين أخيه المسلم اولاً، وبين المسلم وبين جاره غير المسلم. وما أحوج أمة الإسلام في هذه الاوقات الى هاتين الخاصتين النبيلتين. فقد تدهورت اوضاع الأمة الاسلامية، بعد احداث ايلول سبتمبر الى الحضيض. وأصبح المسلمون في شتى انحاء العالم في موقف الدفاع عن انفسهم، وعن إيمانهم، والوقوف في وجه الحملة الظالمة التي تهدف الى وصمهم بصفة الارهاب. وفي خضم هذه الاوضاع التي تتطلب من جميع المسلمين، خصوصاً طبقة العلماء فيهم، ان يكونوا القدوة والرمز، ويقفوا كالصف الواحد والبنيان المرصوص، لنبذ جميع الظواهر المتطرفة التي دخلت الى ديننا الحنيف من جانب بعض الموتورين الأفاكين الذين لا يفقهون في الاسلام شيئاً، فأوصلتنا الى الحال التي نعيش فيها اليوم. اقول في خضم هذه الاوضاع، رأينا ان فضيلة الشيخ القرضاوي، صاحب الكلمة المسموعة والرأي السديد، يتحفظ عن ادانة الشباب الذين انطلقوا في جهاد آثم، يقتلون المدنيين الابرياء، ولا ينفك عن صب حممه على اميركا، لمحاولتها اقصاء نظام حكم تسبب في مقتل مئات ألوف المسلمين والعلماء، وغزو دولة مسلمة جارة، وحرق ثرواتها، وسبي ابنائها الذين ما زالوا حتى الآن يقبعون في غياهب سجونه. والسؤال الذي أوجهه الى فضيلته متى كان يتساوى القربان والضحية؟ ولماذا غابت عن أعين ملايين المسلمين حقيقة الدور الذي لعبته اميركا وحدها في تحرير بلد عربي مسلم، وكبح جماح العدوان الصدامي؟ وكيف تفسر الفتوى التي اصدرتها بالسماح للجنود المسلمين الاميركيين بالمشاركة في الحرب على دولة مسلمة؟ فضيلة الشيخ القرضاوي، لقد دعوت في ما دعوت الى مقاطعة البضائع الاميركية والبريطانية. لا بل تنبأت، في احدى مقابلاتك الصحافية، بأن الولاياتالمتحدة ستزول بسبب طغيانها. فهل تنكر انك تنعم بمنجزات التكنولوجيا الاميركية في كل صوب وحدب، وأنى توجهت؟ وهل اصبحت أمة الاسلام على مدى من العلم والتنظيم والقوة كي يمكنها الاستغناء عن منجزات الغرب العلمية والتكنولوجية؟ وهل تؤمن حقاً بأن دعواتك وفتاويك هذه تنفع امة الإسلام؟ أولا ترى انها ستزيد من مخاوف الغرب من الاسلام، وتدفعه الى البحث عن اجدى الطرق لمحاربة امة الاسلام؟ لقد صببت جام غضبك على باكستان عندما أبدت استعدادها لفتح ابوابها وأراضيها لضرب نظام طالبان. وماذا تفعل الآن، وأنت ترى ان دولاً في الخليج العربي تفتح اراضيها - وبحق - لضرب النظام العراقي؟ وكيف تبرر دعمك للنظام العراقي الجائر، وأنت خير من يعرف انه عندما سئل رسول الله ص عن افضل الجهاد قال: "كلمة حق عند سلطان جائر". أعانك الله، وأعاننا على نشر الفكر الصحيح للإسلام. وجزاكم الله كل خير، وغفر لنا ولكم وللمسلمين جميعاً. شتوتغارت ألمانيا - الدكتور كمال احمد عبدالباقي دكتوراه في التاريخ الاسلامي